قرار الحكم الهام بهذه القضية من يوم 6 تشرين الأول/أكتوبر 2024، جاء بعد مداولات طويلة في المحكمة، وذلك بعد ان بدأت نقابة معاً منذ عام 2019 في تنظيم عمال الانتاج من سكان السلطة الفلسطينية في الشركة. بالتزامن مع عملية التنظيم النقابي التي تصدت لها الشركة بواسطة سلسلة من الإجراءات المخالفة للقانون بهدف تفكيك وحدة العمال والتزامهم بنقابة معا، توجهت الى النقابة احدى العاملات التي قالت انها تعرضت للفصل التعسفي عن العمل على خلفية – حسب قولها – التحرش الجنسي من جانب أحد المدراء في الشركة.
مندوبو نقابة معًا قاموا بتسجيل شكوى العاملة الفلسطينية وقد تبين فيها ان الشخص الذي تحرّش بها جنسيًا كان السيد عامر عودة، وهو مدير ثانوي في الشركة. العاملة قالت في شهادتها انه قد المح اليها بتوجهات متكررة ذات طابع جنسي، وعندما رفضتها تم فصلها بين عشية وضحاها، دون حتى جلسة استماع.
في اعقاب تقديم الشكوى من قبل العاملة أرسلت المستشارة القانونية لنقابة معًا، المحامية آية بيرتنشتاين، برسالة إلى الشركة، وصفت بها الوضع وطالبت بمعالجة الشكوى. وكان رد الشركة التجاهل المطلق للموضوع اذ لم تقم الشركة بواجبها القانوني بإجراء التفتيش وجمع الأدلة واستخلاص النتائج. وبدلاً من ذلك قامت الشركة بتلوين اسم العاملة علناً.
في ظل هذه الظروف، توجهت نقابة معًا إلى المحامية كيرين بار يهودا، المتخصصة في قضايا التحرش الجنسي، كي تقوم بتمثيل المدّعية. وكانت نقابة معًا شريكة في الدعوى، التي رفعتها المحامية بار يهودا باسم العاملة المشتكية. واستمرت المناقشات في هذه القضية لسنوات، حيث قدمت عاملتان اضافيتان شهادتهما أمام المحكمة حول التحرش الجنسي المنهجي الذي تعرضت له النساء في شركة ماية للصناعات الغذائية. ويذكر ان مدراء الشركة بما فيهم المدعو عامر عودة، المتهم بالتحرش الجنسي قدموا شهاداتهم امام المحكمة وأيضا قدمت الموظفة التي ادّعت الشركة أنها المسؤولة عن التحرش الجنسي في الشركة شهادتها في المحكمة وتبين خلال الجلسة بانها غير مؤهلة للقيام بهذه الوظيفة.
قرار الحكم، الذي صدر مطلع اكتوبر الجاري، أكد أن المدّعية تعرضت فعلًا لعملية تحرش جنسي، بل ووصف الطريقة المعيبة تمامًا التي أدار بها المصنع إجراءات التحقيق في الشكوى. إلى جانب هذه الاقوال الهامة التي اكدت على صدق العاملة المشتكية قررت القاضية هيرشبرغ منحها تعويضًا ماليًا. وكان قرار الحكم قد فرض الغرامة المالية على شركة “ماية للصناعات الغذائية” وكذلك على المدير الذي قام بفعل التحرش الجنسي (تجدر الإشارة إلى أن نقابة معا والعاملة قدما استئنافًا على قرار الحكم وخاصة على مبلغ الغرامة المالية التي تم فرضها والتي رات بها النقابة بانها زهيدة مقابل قرارات حكم أخرى).
طوال الإجراءات القانونية الطويلة أكدت العاملة المشتكية على الأهمية التي تراها بصدور قرار حكم صارم لصالحها، أولًا بهدف تبرئة اسمها (الذي، كما ذكرنا – تضرر بسبب تصريحات صاحب العمل)، وكذلك بهدف تشجيع نساء أخريات على التحرك ضد ظاهرة التحرش الجنسي غير القانونية في أماكن العمل.
تأخذ معاً على محمل الجد كافة أشكال التحرش الجنسي في اماكن العمل وبشكل عام، وتساعد العاملات والعمال بالتصدي لهذه الظواهر المنبوذة بهدف كنسها من الوجود وتمكين النساء بشكل خاص من مواجهتها بقوة وجرأة. نحن في معًا نرى بما قامت بها العاملة في شركة “ماية” نموذجًا هامًا لتشجيع النساء على عدم الرضوخ والسكوت.