بدات القصة عندما شعرت انتصار بان مديرها في العمل يضايقها، وعندما قدمت شكوى ضده حاول إبعادها عن الطريق وجعلها تترك العمل. لكنها لم تتنازل بهذه السهولة. وبمساعدة واصرار مكتب معاً في القدس، استجمعت شجاعتها وتمكنت من الحفاظ على وظيفتها مما يعتبر درسًا هامًا لكل عامل وخاصة للمرأة العاملة.
لقد مضى أكثر من عام على انخراط انتصار في العمل في مصنع لصناعة المواد الغذائية . انتصار تسكن في مناطق السلطة الفلسطينية، وباعتبارها أمًا وحيدة، فهي ايضا المعيلة الوحيدة لكل الأسرة. مع اندلاع الحرب، في تشرين الأول/أكتوبر 2023، استمر المصنع في تشغيل العمال الفلسطينيين بسبب تعريفه كمصنع حيوي وهكذا تمكنت انتصار من الاستمرار في العمل طوال هذا العام.
وفي يوليو/تموز الماضي، مرضت انتصار وتغيبت عن العمل. وعندما اتصلت بمديرها وأبلغته بذلك، رد عليها قائلا: في حال لم تحضري للعمل اليوم، فلن يسمح لك بمواصلة العمل هنا بتاتا”. وعلى الرغم من هذا التهديد، لم تأت انتصار إلى العمل بسبب حالتها الصحية. وبعد ان تحسنت حالتها الصحية حاولت ان ترجع الى عملها كالمعتاد ولكنها فوجئت عند وصولها الى الحاجز بانه قد تم منع دخولها للعمل وذلك بعد الغاء المصنع تصريح العمل الخاص بها.
على ضوء ذلك توجهت انتصار في مطلع شهر اب إلى مكتب معاً في القدس. وفي المقابلة مع المسؤولات في معًا اتضح أنها كانت خائفة من المدير نفسه، الذي سبق أن تحرش بها جنسيًا وذلك من بين أمور أخرى عديدة أثناء تواجدها في العمل. في المكالمة مع انتصار وضحت لها المسؤولة في نقابة معًا أن تصرفات المدير تعتبر انتهاكًا سافرا بحقها وفقًا للقانون الإسرائيلي، وبإمكانها تقديم شكوى ضده. لكن انتصار قررت الا تقدم الدعوى، لأسباب تخصها ولكنها اصرت على حقها بالعودة إلى وظيفتها نظرًا لكونها بحاجة ماسة الى العمل ولضرورة العمل لانعاش اقتصاد الاسرة.
على إثر ذلك قامت المسؤولتان في مكتب معاً في القدس، دانا بومرانز ورزان مشاهرة، اللتان كانتا على تواصل مع انتصار، بالاتصال بالمحامية التي تمثل الشركة. خلال الاتصال وبعد التوضيح لحيثيات الوضع اكدت المحامية التابعة للمصنع بان الطريقة التي تم بها إنهاء عمل انتصار كانت غيرقانونية واقترحت عليها العودة إلى العمل. وفعلا وبعد ايام قليلة تم تجديد التصريح الخاص بها بالتالي كان بإمكان انتصار ان تعود إلى العمل. اضافة الى ذلك تأكدت المسؤولتان في معًا مع المحامية الخاصة بالمصنع من تطبيق قانون منع التحرش الجنسي في العمل في المصنع ومن تعيين شخص مسؤول عن منع التحرش الجنسي وفق متطلبات القانون. المسؤولتان في معاً اكدتا للعاملة بأنه من حقها تقديم شكوى في حال حدوث حادثة تحرش جنسي أخرى تجاهها، أو تجاه أي عاملة في الشركة.
القصة لم تنته هنا، حيث ان انتصار ترددت في قرارها الخاص بالعودة إلى العمل، خوفا من انتقام المدير نفسه الذي أصر على طردها. غير ان مندوبات معاً كانتا قد شجعتاها على العودة للعمل على الفور وانتهاز الفرصة. ومع ذلك، في اليوم الأول من عودتها إلى العمل، اتصلت من المصنع وأخبرت معًا وهي تبكي أن ما يحدث حاليا في المصنع هو بالضبط ما كانت تخشى منه. ووصفت المعاملة السيئة التي تتعرض لها من قبل مديرها في الوقت الذي كان يطلب منها القيام بعمل بدني شاق مع العلم بانه كان متأكدًا بأنه يفوق قدرتها ويطلب من الموظفين الآخرين عدم مساعدتها. وقالت أيضًا بإنه قد نشر شائعات خبيثة عنها في العمل.
لم يكن الوضع سهلا. وتداولت المسؤولتان في معًا، دانا ورزان، مع العاملة التحديات المختلفة التي تواجهها، وأخيراً قررت العاملة أنها غير مستعدة للخضوع لتصرفات المدير المهينة واختارت الجهر بالحقيقة والمطالبة بالعدالة. بناء على ذلك لجأ مكتب معا مرة أخرى إلى محامية المصنع وقدمت المسؤولتان تفاصيل عن الوضع المعقد الذي وجدت انتصار نفسها فيه دون أي خطأ من جانبها.
وكانت استجابة صاحب العمل إيجابية وعملية للغاية. وتعهد من خلال محامية الشركة بأنه سيبذل كل ما في وسعه كصاحب عمل للحفاظ على سلامة وكرامة انتصار في العمل، وأمر المدير بعدم التواصل معها مرة أخرى. وكانت النتيجة احتفاظ انتصار بوظيفتها وتمسكها بالعمل وهي لا تزال على اتصال مع مكتب معًا لضمان حقوقها وكرامتها وبقائها في العمل.
لهذه التجربة أهمية خاصة: فبفضل شجاعة العاملة وتصميمها ورباطة جأشها، تمكنت من الحفاظ على مصدر رزقها مما يشكل درسا هامًا جدا للمدير نفسه ولإدارة للشركة وللعمال جميعهم.
++++
انضموا أنتم أيضا اليوم إلى معاً – نقابة عمالية، ً، وسوف تتلقون النصيحة والدعم، اذ تحرص نقابة معًا على صون حقوقكم وكرامتكم في مكان العمل وتقف معكم للنهاية في تحصيل الحقوق المشروعة.