بموجب الإتفاق الجماعي الذي وقعته نقابة معاً في شباط 2017 مع كراج تسارفاتي في منطقة الصناعية ميشور ادوميم (الخان الاحمر) تم تحسين شروط العمل لكافة عمال الكراج مما كان مثابة سابقة في هذه المنطقة التي يعمل الكثيرين من العمال بها دون الحد الادنى من الحقوق.
وقد لاحظنا في نقابة معا خلال السنة التي أعقبت التوقيع على هذا الإتفاق أن الكثير من المشغلين بمنطقة ميشور أدوميم قد رفعوا من أجور العمال الى الحد الادنى القانوني للأجور وبدأوا بإصدار قسائم الأجر وذلك كخطوة وقائية لمنع إنضمام العمال الى نقابة معاً.
30 ألف عامل فلسطيني من الضفة الغربية يعملون في المناطق الصناعية وداخل المستوطنات أغلبهم في منطقتي ميشور أدوميم شرقي القدس وبالمنطقة الصناعية “بركان” جنوب نابلس. يعمل الكثيرون منهم بورديات طولها 10-12 ساعة باليوم مقابل 120-150 شيكل لليوم ودون الحد الأدنى من الحقوق وحتى دون قسيمة أجر. الكثيرون من العمال لم يتمكنوا من تقديم دعاو الى المحكمة لأنهم ليس بيدهم إثباتات على ساعات عملهم او حتى على حقيقة تشغليهم في المكان. في أحسن الأحوال يحصل العامل على تعويض جزئي لكنه إذا قدم دعوى الى المحكمة قد يخسر مكان عمله.
في هذا المجال رأينا أن عدد من المشغلين في المنطقة الصناعية “بركان” أعلنوا بأنهم يعدون قائمة سوداء وأن كل عامل يقدم دعوى ضد مشغله سيتم ضمه الى القائمة وبالتالي منعه من الحصول على مكان عمل آخر بالمنطقة.
بإضافة لهذا الواقع المعقد فإن نسبة البطالة المرتفعة في مناطق السلطة الفلسطينية والحقيقة بأن راتب العامل المهني بالمدن الفلسطينية لا يفوق ال2500-2000 شيكل بالشهر، فإن العامل الفلسطيني الذي “ينجح” بالإيجاد وظيفة بمصنع اسرائيلي في المنطقة الصناعية سيفكر اكثر من مرة قبل ما يبادر بتنظيم العمال بمكان شغله ويخطر بذلك بوظيفته.
هذا الحلقة المفرغة قد كسّرها عمال كراج تسارفاتي عندما إنضموا الى نقابة معاً العمالية، مما كان خطوة غير مسبوقة من قبل عمال فلسطينيين بمصنع اسرائيلي. من اللحظة التي أبلغت بها النقابة صاحب العمل بأمر التنظيم النقابي قد زاد معاش العمال بحوالي 1,000 شيكيل مباشرةً علما بانه وقبل إنضمامهم للنقابة كان هؤلاء العمال يخضعون لشروط العمل الإستغلالية المتبعة في المنطقة.
4 أعوام بعد ذلك وبعد ان أدى قرار رئيس محكمة العمل الى عودة العامل الذي بادر للنظيم النقابي، حاتم ابو زيادة، الى عمله، تمكن العمال بقيادة النقابة من الوصول الى إتفاق جماعي، مما ضمن للعمال حقوقهم الاساسية وكذلك تعويضات بسبب ديون من الماضي. وقد جعل هذا الإتفاق كراج تسارفاتي واحدا من الأماكن الأفضل بالمنطقة.
كما ذكرنا أدى الإتفاق غير المسبوق في تسارفاتي الكثير من المشغلين الى تعديل اجور العمال الذي يعملون لديهم وكذلك اصدار قسائم الأجر القانونية وحتى بدء التوفير للعمال في صناديق التقاعد. نحن في نقابة معًا نرى بارتفاع الأجور للعمال للحد الادنى القانوني أمرا إجابيا على الرغم من إنه كما يبدو خطوة لمنع العمال من التحرك النقابي.
لكننا نرى بأنه من الضروري أن يروا العمال هذا التحسن الجزئي في أجورهم كخطوة أولى وليس كنهاية المطاف علما بأنه الكثير من العمال، اغلبيتهم شباب او عمال غير مهنيين لا يزالون يعملون بظروف إستغلالية. من بين هؤلاء بعض العمال الذين يعملون بمنطقة “باركان” في المصانع التي تقع خارج جدار المنطقة وبالتالي لا يحتاجوت لتصريح دخول الى المنطقة الصناعية. في هذه المصانع نلاحظ بأنه هناك أجور تساوي نصف الحد الأدنى للأجور.
أما العمال المهنيون مثل النجارون او الميكانيكيون لا يمكنهم أن يكتفوا بالحد الادنى للاجور. رغم من انه الحد الادنى الشهري قد إرتفع الى 5،300 شيكل فيبقى هذا الاجر قليلا بمقارنة للمصروفات الضرورية في كل عائلة.
تكشف تجربة عمال كراج تسارفاتي القوة الكامنة في تنظيم العمال الفلسطينيين عندما يتنظمون في نقابة عمالية. في الواقع هذه هي الأداة الوحيدة بأيدي العمال الذين يعملون في المستوطنات من اجل تحسين شروط العمل والحفاظ على مكان عملهم في آن. إذا أراد العمال الفلسطينيين ضمان حقوقهم والرزق بالكرامة فعليهم الإنضمام الى نقابة معًا والعمل على توقيع اتفاق عام.
نقابة معاً هي العنوان الطبيعي للعمال الفلسطينيين الذين يطالبون بحقوقهم في المناطق الصناعية التابعة للمستوطنات – انضموا بيها اليوم.