نشر الموقع الإلكتروني التابع لمعاً -نقابة عمالية في الآونة الأخيرة، صفحة رقمية تُعنى بتعريف العمال بحقوقهم وطرق استخلاصها، وهي بمثابة دليل إرشادي يهدف إلى تقديم المعلومات الأساسية التي يجب أن يعرفها ويفهمها جيداً كل عامل أو عاملة من الفلسطينيين، الذين يعملون في سوق العمل الإسرائيلي، وذلك لكي يستطيعوا حماية أنفسهم من الاستغلال وضمان الحقوق والكرامة الإنسانية.
للاطلاع على الدليل يمكن الضغط على هذا الرابط: دليل حقوق العمال الفلسطينيين في إسرائيل.
العمال الفلسطينيون ركيزة أساسية في سوق العمل الإسرائيلي
يدخل إلى إسرائيل والمستوطنات الإسرائيلية في الضفة الغربية، يومياً حوالي 150 ألف عامل من سكان السلطة الفلسطينية، الذين يعملون لدى أرباب عمل إسرائيليين، أكثر من ثلثي هؤلاء يتم تشغيلهم بواسطة تصاريح دخول يتم تجديدها مرة كل ستة أشهر، وينقسم العمال بين 75 ألف يعملون داخل إسرائيل ونحو 30 ألف في المستوطنات اليهودية المقامة على أراضي الضفة الغربية. فيما يعمل البقية والمقدر عددهم ما بين 40 إلى 50 ألف من دون تصاريح ومن دون قسائم أجر، ويضطر هؤلاء العمال للعبور يومياً عبر ثغرات منتشرة في الجدار الفاصل ومن طرق التفافية أخرى.
ومن الأهمية بمكان معرفة أن هذه القوى العاملة الفلسطينية وفق هذا الترتيب تساهم بضخ أكثر من 2.5 مليار دولار إلى الناتج القومي الفلسطيني، أي ما نسبته 16% من الناتج القومي الإجمالي السنوي للسلطة الفلسطينية.
ويتوزع العمال على قطاعات مختلفة منها الزراعة والبناء والصناعة والسياحة، كما يمكن القول ومن دون أدنى شك أن مساهمتهم في الاقتصاد الاسرائيلي لا سيما في قطاع البناء والإنشاءات كبيرة وبالغة الأهمية، إذ تعتمد شركات البناء الإسرائيلية إلى حد كبير على العمال المهنيين الفلسطينيين.
ورغم المساهمة القيمة لهؤلاء العمال في الاقتصاد الإسرائيلي والفلسطيني على حدٍ سواء، فإن عملية وصول العمال من أماكن سكناهم في الضفة الغربية إلى إسرائيل هي طويلة ومعقدة. حيث يواجه العمال صعوبات جمة في الطريق من وإلى العمل تتعلق بالتصاريح ونقاط التفتيش في المعابر، بالإضافة لتحديات الأمان في أماكن العمل وعلى وجه الخصوص ما يواجهونه من حوادث عمل تهدد صحتهم وأحيانا كثيرة حياتهم. وعلاوة على هذه الصعوبات يضاف إليها القلق والخوف من وباء كورونا. ويبقى التحدي الأكبر والأكثر تعقيداً الذي يواجه العمال هو الإجحاف الفاضح والخطير في كل ما يتعلق بدفع أجورهم ومستحقاتهم الأخرى.
وبخصوص الرحلة اليومية للذهاب إلى العمل يخضع العمال على المعابر الحدودية لإجراءات أمنية معقدة وطويلة، الأمر الذي يجعل عملية الوصول إلى مكان العمل طريق عذاب يومية.
كيف نواجه الاستغلال والإهانات؟
يعاني معظم العمال الفلسطينيين، بمن فيهم حاملي التصاريح الرسمية، من استهتار وتجاهل أصحاب العمل للصعوبات التي تعترضهم أثناء مجيئهم إلى العمل. لكن في ظل انعدام توفر البدائل في مناطق السلطة الفلسطينية وفي ظل ارتفاع معدلات البطالة، يضطر الكثير منهم القبول بعمل محفوف بالمخاطر وبظروف الاستغلال، وأحياناً بلا حقوق على الإطلاق وبأجر يعادل نصف الحد الأدنى للأجور.
وتجد الإشارة إلى أنه ليس هناك قانون عمل موحد لكل العمال، فينقسم العمال لمجموعات وكل مجموعة تخضع لقوانين مختلفة وشروط عمل خاصة بها، فعلى سبيل المثال يشرف على تشغيل العمال داخل إسرائيل، بما في ذلك منطقة القدس ومنطقة عطروت، قسم المدفوعات في سلطة الهجرة وهو الذي يصدر لهم قسائم الأجر (في اللغة الدارجة عند العمال تسمى الجهة التي تصدر قسائم الأجر وتتحمل المسؤولية عن توفيرات التقاعد “مكتب العمل”). في المقابل يحصل العمال في المناطق الصناعية في المستوطنات على قسائم الأجور مباشرة من قبل أرباب عملهم من دون أي تدخل حكومي أو من الإدارة المدنية.
يشار هنا إلى أن السلطات الإسرائيلية المختصة قامت في السنوات الأخيرة بإجراء سلسلة من التغييرات والإصلاحات على ترتيبات التشغيل الخاصة بالعمال الذين يعملون داخل إسرائيل، أبرزها كان الإصلاح الذي دخل حيز التنفيذ في نهاية عام 2020 في طريقة الحصول على التصاريح في قطاع البناء. كما عدلت السلطات طريقة دفع بدل أيام الإجازة المرضية والإجازات السنوية، كما أوقف خصم رسوم “الهستدروت” من قسائم أجور العمال.. وإلخ. كل هذه الأمور التي خلقت نوع من البلبلة لدى العمال، ويتطرق إليها هذا الدليل ويقدم تفسيرات لها أساليب لمواجهتها وسبل التعامل معها.
ظاهرة سماسرة التصاريح
هناك أعداد كبيرة من العمال الفلسطينيين الذين ليست لديهم الإمكانية للحصول على التصريح من الشركة أو المشغل الإسرائيلي الذي يسجلهم ويحصل على تصريح عمل رسمي لهم، مما يجبرهم إما للمخاطرة بأنفسهم والدخول عبر “طرق التهريب” أو يضطرون للتعامل مع سماسرة التصاريح.
وتشير الإحصائيات أن عشرات الآلاف من العمال يعملون وفق تصاريح العمل التي يتم استصدارها مقابل رسوم سمسرة تصل لـ 2500 شيكل. وتعتبر هذه الظاهرة نوع من الابتزاز الوقح تشبه إلى حد كبير ظاهرة “الكفالة” سيئة الصيت التي يخضع لها العمال الأجانب في دول الخليج.
وظاهرة “سماسرة تصاريح العمل” باتت فضيحة معروفة، حيث يتشارك بهذه السرقة أطراف إسرائيلية وفلسطينية على حد سواء. وفعلياً وفي أعقاب انتقادات شديدة طالت هذه الظاهرة باشرت السلطات الإسرائيلية بداية شهر كانون أول/ديسمبر 2020 بإدخال إصلاحات مهمة في كل ما يتعلق في نظام التصاريح، ويرى بعض المراقبين أن التعديلات التي تم إدخالها تصب في الاتجاه الصحيح، وقد تساهم في تراجع قوة تأثير دور السماسرة. وعلى الرغم من ذلك وبعد مرور ما يقارب من ستة شهور على بدء العمل في الإصلاح الجديد يبقى الوضع معقداً للغاية، حيث تشير بعض التقارير إلى أنه لا يزال يتعرض العمال للابتزاز والاستغلال.
إن واقع حال العمال الفلسطينيين هو مزيج معقد يجمع بين تفاصيل النظام القانوني والإداري الذي ينظم عملية توظيفهم في إسرائيل من ناحية، وارتفاع معدلات البطالة ونقص بدائل التوظيف في مناطق السلطة من ناحية أخرى. بالإضافة إلى افتقار العمال إلى حرية التنقل، فضلاً عن عدم معرفتهم بالقوانين وعدم اتقانهم اللغة العبرية، وهذه جميعها أمور تعيق فرص توجههم إلى المؤسسات الرسمية لاسترجاع حقوقهم.
مساهمة نقابة “معاً” في الدفاع عن العمال
تهدف نقابة “معاً” من خلال إعدادها وتقديمها دليل الحقوق للعمال الفلسطينيين إلى توفير المعلومات المناسبة للعامل الفلسطيني من خلال المعلومات الأساسية والروابط المختلفة، التي تمكنه من تلمس طريقه في المتاهة المسماة سوق العمل في إسرائيل.
الموقع الذي يتضمن الدليل الإرشادي من إنشاء وتصميم وكتابة المحتوى وإدارته من قبل نقابة “معاً”، وهي نقابة معترف بها في إسرائيل، تعمل وفق قانون العمل تهدف لحماية حقوق جميع العمال في البلاد، بغض النظر عن هويتهم الوطنية أو جنسيتهم أو دينهم.
إن الوسيلة الناجعة والقوية لمواجهة الظلم والاستغلال برأي نقابة “معاً” هي التنظيم النقابي. بصفتها النقابة الرسمية الوحيدة التي تسعى إلى تنظيم العمال الفلسطينيين. وبعد النجاحات التي حققتها نقابة “معاً” في الوصول إلى 3 اتفاقات جماعية للعمال الفلسطينيين، يمكننا القول بكل تواضع وموضوعية بأن الانضمام إلى نقابة “معاً” والبدء في عملية التنظيم في إطارها هو الطريق الصائب والملائم للعمال.
تفتح “معاً” أبوابها أمام العمال الفلسطينيين بإعتبار ذلك التزاماً أخلاقياً بالدفاع عن حقوق العمال الذين يواجهون صعوبات جمة في طريقهم لكسب لقمة العيش بكرامة.