دوائر منفصلة وإجراءات إستثنائية للفلسطينيين، رفض إستيعاب وثائق والسماح بتقديم طلبات، رفض مكتب العمل إستيعاب ومعالجة طالبات العمل، توجيه إلى عمل وهمي، ظروف مسيئة لإستقبال الجمهور، عدم الإستجابة لمندوبي المشتكين – هكذا يمنع مكتب التأمين الوطني ومكتب العمل شبكة التأمين الاقتصادي-الاجتماعي من سكان شرقي القدس الفلسطينيين.
مقدمة
مع انقضاء 48 سنة للإحتلال يقف المجتمع الفلسطيني في القدس الشرقية أمام كارثة إنسانية حقيقية. فمن ضمن 307600 مقيم، هنالك 229300 يعيشون بفقر مدقع ليس كمثله في إسرائيل.[1]
من أجل تأدية وظيفتهم مقابل هذا الفقر المدقع كان على مكتب التأمين الوطني ومكتب العمل أن يعملا على توسيع دائرة المستفيدين من المخصصات، وبحديداً مستحقات ضمان الدخل – مستحقات معيشة مرتبطة بإختبار الدخل، والتي غايتها تقديم إمكانية الحد الأدنى للعيش بكرامة بجانب تطوير عملي وتشغيل وبالتالي إخراجهم من قبضة الفقر.
ولكن نسبة المستحقات المخصصة لسكان القدس الشرقية متدنية جداً، مما يوضح بلا أدنى شك أن هذه المؤسسات لا تؤدي وظائفها. كما تظهر التفاصيل في هذا التقرير، فإن التعامل في المؤسسات هذه مصاب بالتمييز الصارخ. وكالملح على الجراح تتراكم إعلانات وزراء الحكومة (الحالية وسابقاتها) التي توضح مواقفها وحسب ذلك فإن مخصصات مكتب التأمين الوطني في القدس الشرقية ليست حقاً للسكان كونهم يقيمون في إسرائيل، كما هي حق لبقية سكان الدولة، ولكنها تستخدم في إطار “العصا والجزرة” للسيطرة على المجتمع الفلسطيني.
بحسب المعطيات التي تم تقديمها لنقابة معاً من مكتب التأمين الوطني، نسبة طلبات ضمان الدخل التي تم إستيعابها والمصادقة عليها في فرع القدس الشرقية، متدنية بشكل إستثنائي من نسبة السكان الذين يعيشون تحت خط الفقر والمحتاجين لهذه المستحقات. يتبين أن من الطلبات المقدّمة يتم رفض الغالبية الساحقة بحجة أنه “لم يتم تقديم الوثائق الملائمة” ونسبة كبيرة إضافية يتم رفضها بسبب عدم الإمتثال في إختبار التشغيل (الإمتثال في مكتب العمل والقبول بكل وظيفة ملائمة).
يدير فرع نقابة معاً في القدس الشرقية كل سنة حوالي 200 ملف مقابل مكتب العمل ومكتب التأمين الوطني، ويقدم إستشارة للمئات الذين يتوجهون إليه. من الشكاوى الكثيرة تظهر دائرة مفرغة لإعاقة المستحقات والتي تعمل كالتالي:
من جهة واحدة فإن مكتب التأمين الوطني لا يسمح بتقديم طلبات ضمان الدخل إذا لم يرفق طالب المستحقات كل الوثائق المطلوبة لمعالجة ملفه مباشرة عند تقديم الطلب. في حين أنه حسب الإجراءات على مكتب التأمين الوطني أن يستوعب كل الطلبات حتى ولو كانت الوثائق والتفاصيل الضرورية لإستكمال معالجة الملف ناقصة (إنظر إلى التفاصيل اللاحقة، في إطار الأمثلة على الملفات المحددة). وفي الحالات التي تم بها تقديم الطلب، فإن مكتب التأمين الوطني وبشكل منهجي ومدروس لا يعطي مصادقات تثبت أنه تم تقديم الطلب، أو أنه تم تقديم الوثائق المطلوبة. ومن جهة ثانية يرفض مكتب العمل تسجيل إمتثال طالبي العمل الذين ليس بحوزتهم مصادقات رسمية مختومة من مكتب التأمين الوطني تثبت أن طالب العمل قد قدّم طلباً، وهذا مخالف للإجراءات التي تقول بأنه يجب إستيعاب كل طالب عمل فور إمتثاله الأول وعدم إشتراط ذلك بأي مصادقة. بالإضافة لذلك فإننا نواجه في مكتب العمل مراكمة للصعوبات الإستثنائية أمام النساء مما يؤدي إلى توجيههن إلى عمل مسيء وأحياناً وهمي[2] مما يسبب منع المستحقات. وهكذا، بسبب هذا السلوك المؤذي والتمييزي من قبل المؤسستين تضيع غالبية الطلبات، وينتصر الفقر.
في هذا السياق من الضروري التوضيح بأن إجراءات إستيعاب الطلبات هذه بدون جميع الوثائق المطلوبة من أجل معالجة الطلب هي في غاية الأهمية خاصة حين نتحدث عن سكان القدس الشرقية، الذين يضطرون عند تقديم طلب ضمان الدخل ليس فقط إلى إجراء فحص الدخل كما هي العادة عندما يتوجه الى التأمين اي مواطن إسرائيلي (لإثبات أن دخلهم غير كاف لتأمين معيشتهم حسب القانون) وإختبار التشغيل (الإمتثال كما هو مطلوب في مكتب العمل والقبول بكل عمل ملائم) إنما عليهم الخضوع لإختبار إقامة متشدد، وأن يثبتوا في ه ذا الإختبار من خلال الكثير من الوثائق أنهم وأبناء عائلتهم هم فعلاً مقيمون في القدس او تحت سيادة دولة إسرائيل. أحياناً يتطلب منهم هذا الإجراء إيجاد وثائق كثيرة غالباً ما تمنع من المحتاجين حقاً أن يقدموا الطلب وهكذا يتم إفشال طلبه سلفاً مع العلم أنه يستحق وبكل المعايير.
التقرير الذي أمامكم يسعى إلى تقديم صورة واقعية للمعطيات المتعلقة بالمعيقات والعراقيل التي يواجهها سكان القدس الفلسطينيين عندما يطالبون المستحقات المعيشية لمن يستحقونها.
القسم الأول: شبكة الأمان الاجتماعية الاقتصادية في القدس الشرقية مليئة بالثقوب
مستحقات ضمان الدخل التي يطرحها جوهر هذا التقرير، تغلّف منح الحد الأدنى لمستحقات المعيشة مع التأهيل المهني لأولئك القادرين على الإندماج في العمل. منح المستحقات مشروط بالخضوع لإختبارين متشددين: 1. إختبار الدخل، يثبت من خلاله طالب المستحقات لمكتب التأمين الوطني أن ليس لديه أي دخل يسمح له ولعائلته بالعيش، أو أن دخله ليس كافياً للعيش الكريم حسب تحديد القانون. 2. إختبار عمل يتطلب بموجبه أن يمتثل كل طالب للمستحقات (بشكل عام مرّة في الأسبوع) في مكاتب مكتب العمل في منطقة سكنه وأن يقبل بكل إقتراح عمل ملائم لوضعه الصحي. فقط حين لا يتم إيجاد عمل ملائم له يحصل على مستحقات تأمين الدخل.
الغالبية العظمى ممن يتوجهون لطلب المساعدة من فرع نقابة معاً في القدس الشرقية يطلبون مساعدة تسمح لهم بانتزاع الحق في مستحقات ضمان الدخل.
فقراء أكثر – يأخذون أقل
بحسب المنشور الإحصائي السنوي لسنة 2015، والذي نشره معهد القدس للدراسات الإسرائيلية، 76% من السكان، 70% من العائلات الفلسطينية، و83.9% من الأولاد في القدس الشرقية يعيشون تحت خط الفقر، ومعدل دخلهم أقل ب 41.4% من الدخل الذي يعتبر خط الفقر في إسرائيل[3]. ولكن نسبة السكان الحائزين على حق الحصول على مستحقات ضمان الدخل متدنية بشكل بارز عن المتوسط في عموم المجتمع الفقير في إسرائيل. في سنة 2013 فقط 7% من السكان الفقراء في القدس الشرقية حصلوا على مستحقات ضمان الدخل. نسبة 2.7٪ فقط من مجمل مدفوعات ضمان الدخل تصل الى سكان القدس الشرقية رغم أن نسبة فقراء القدس الشرقية هي 13% من مجمل الفقراء في إسرائيل، ومعدل فقرهم هو الأكثر تطرفا.
من أجل المقارنة: في سنة 2013، نسبة 22% من مجمل سكان إسرائيل و 18.6% من العائلات في إسرائيل عاشوا تجت خط الفقر. معدل دخلهم كان أقل ب 32.8% من مستوى دخل خط الفقر ونسبة 24.13% تمتعوا من الحصول على مستحقات ضمان الدخل (باستثناء معطيات القدس الشرقية 26.5% من سكان إسرائيل الفقراء حصلوا على مستحقات ضمان الدخل). في القدس الغربية، والتي تعاني هي أيضاً من معطيات فقر عالية – يشكل المجتمع الفقير 8.2% من مجمل فقراء إسرائيل، في حين 27% من سكانها و 21.5% من العائلات تعيش تحت خط الفقر، معدل دخلهم أقل ب 36% من الدخل الذي يعتبر خط فقر، ولكن نسبة الحاصلين على المستحقات أعلى بكثير – 10% من السكان الفقراء يحصلون على مستحقات تأمين الدخل و 3% من مجمل مستحقات تأمين الدخل تصل إلى أياديهم.
الخلاصة: بينما أكثر من ربع (26.5%) من مجمل الفقراء في إسرائيل (بإستثناء سكان القدس الشرقية) يحصلون على مستحقات ضمان الدخل، فإن فقط 7% من سكان القدس الشرقية الذين يعيشون تحت خط الفقر يحصلون على هذه المستحقات، رغم أن فقرهم أكثر حدّة ويتطلب توزيعاً أشمل للمستحقات. هذا المعطى يؤكد على التعامل المختلف الذي يحصل عليه السكان الفلسطينيون فيما يخص توزيع المستحقات، بطريقة تجعل مدينة القدس الشرقية تعاني من كارثة إنسانية.
بين 1/6/2014 و31/5/2015 (حسب المعطيات التي تسلمتها نقابة معاً من قسم حرية المعلومات في مؤسسة التأمين الوطني) تم إستيعاب 2,989 طلب لضمان الدخل في فرع التأمين الوطني في القدس الشرقية، من ضمنهم تم إتخاذ قرار بشأن 2,767 طلب – 846 طلباً تمت الموافقة عليهم و 1,921 من الطلبات تم رفضها.
جدول معدل لرفض 120 طلباً شهرياً في فرع القدس الشرقية لمكتب التأمين الوطني بين 1/6/2014 و31/5/2015 (بحسب الحجة الرئيسية لرفض الطلب)
سبب الرفض حسب المعدل الشهري | فرع القدس الشرقية |
عدم إتمام الوثائق المطلوبة | 69 |
عدم الصمود في اختبار العمل (صاحب الطلب و/أو الزوج) | 32 |
الدخل (رفض بسبب دخل إضافي) | 12 |
حيازة أكثر من سيارة | 5 |
قيمة السيارة | 1 |
رفض بسبب التعليم | 1 |
المجموع | 120 |
*بعد إرسال تذكير وتبليغ عن تأخر المعالجة
تحليل أسباب الرفض يظهر أن السبب الرئيسي الجارف (57%) للرفض هي أسباب بيروقراطية – عدم إستكمال الوثائق، السبب الثاني (26%) هو عدم إجتياز إختبار العمل (عدم الصمود أمام طلبات الإمتثال لمكتب العمل)، 10% من الطلبات تم رفضها بسبب مصدر دخل إضافي، وال 7% المتبقية تم رفضها لأسباب أخرى (أنظر الجدول).
حقيقة أن غالبية الطلبات تم رفضها لأسباب بيروقراطية (إما في أعقاب سلوك صاحب الطلب أو سلوك مكتب التأمين الوطني) كان يجب أن تجعل مكتب التأمين الوطني يختبر سلوك فرع القدس الشرقية وأن يبحث عن طرق للتخفيف على مقدمي الطلبات، وخاصة حين يكون الحديث عن مجتمع ناطق بالعربية والذي عُرّف من مكتب التأمين الوطني بنفسه أنه يعاني من فقر حاد. ولكن كما يوضح هذا التقرير، بدل التخفيف عنهم، يتم إضافة مصاعب تبعد سكان القدس الشرقية أكثر عن إمكانية تأمين حقهم في المستحقات. نشير في هذا الموضوع أن تمت عدة محاولات من طالبي المستحقات الذين رافقتهم نقابة معاً لتقديم طلبات باللغة العربية ولكن هذه المحاولات باءت بالفشل إذ تم رفضها بحجة أنه من غير الممكن تقديم الطلبات باللغة العربية.
آلية الإعاقة: مكتب التأمين الوطني يعيق تقديم الطلبات – مكتب العمل يعيق إمتثال المتقدمين بالطلبات.
في الفترة التي تم خلالها جمع معطيات التأمين الوطني المذكورة أعلاه، مثّل فرع القدس الشرقية في نقابة معاً حوالي 200 إنسان: من بينهم 158 أمام مكتب التأمين الوطني، منهم 80 طالب مستحقات ضمان الدخل (والبقية طلبات بدل إصابة العمل وبدل البطالة) و 42 أمام مكتب العمل. كما جمعنا العشرات من الشكاوي وشهادات إضافية من خلال العمل الميداني وورشات التمكين
– من بين 80 طلب رافقناهم مقابل مكتب التأمين الوطني، 27 إنتهوا بنجاح، و 36 ما زالوا قيد المعالجة. في إطار هذه المعالجة أجرينا في نقابة معاً تبادل كم هائل من الرسائل مع مكتب التأمين الوطني كان جوهرها مطالبة التأمين الوطني بالإستجابة لرسائلنا.
– نسبة 95% من ملفات المطالبين واجهنا رفض مكتب التأمين الوطني بحجة أن ليس بحوزتهم كل الوثائق المطلوبة.
– في 70 ملفواجهنا عدم إعطاء تصديق عن تقديم الطلب.
– بكل الملفات واجهنا حالات يرفض فيها الموظفون إعطاء تصديق عن تسليم وثائق رغم أنه تم تسليمهم باليد من قبل المطالبين.
– بكل الملفات واجهنا حالات طالب فيها الموظفون شفهياً وثائق إضافية، من دون أن يرفقوا طلبهم هذا بقائمة كتابية للوثائق المطلوبة، مثلما يتم الأمر في بقية الفروع في البلاد.
– من بين 42 طالبي العمل الذين مثلناهم أمام مكتب العمل، 22 ملفاً تعاملوا مع معيقات تقف في وجه طالب العمل في عملية الإستيعاب والتصنيف في الفرع والإمتثال الأسبوعي فيه – حيث العائق الأكثر إستفزازاً هو الرفض المنهجي والمدروس لمكتب العمل في إستيعاب طالبات عمل بدون مصادقة رسمية مختومة من مكتب التأمين الوطني تثبت أنهن فعلاً قمن بتقديم طلب لضمان الدخل. كما هو معلوم، فرع مكتب التأمين الوطني يرفض منح هذه المصادقة.
– 13 ملفاً إضافياً تخص تسجيل رفض عمل، بعضهم تم تسجيل الرفض بالخطأ ومصدره تصنيف مغلوط أثناء الإستيعاب في الدائرة، حيث تم توجيه طالبي العمل إلى عمل لا يلائم وضعهم الصحي، وآخرون مصدرهم التوجيه إلى “عمل وهمي”.
مجمل الملفات التي تمت معالجتها عن طريق نقابة معاً مقابل مكتب التأمين الوطني بين 1/6/2014 و31/5/2015
نوع الطلب/ طريقة المعالجة | إنتهوا بدون نجاح | إنتهوا بنجاح | إستشارة فقط | قيد المعالجة | المجموع |
ضمان الدخل | 7 | 23 | 14 | 36 | 80 |
بطالة | 6 | 7 | 1 | 9 | 23 |
إصابات عمل | 4 | 5 | 1 | 11 | 21 |
غير ذلك | 10 | 7 | 6 | 11 | 34 |
المجموع | 27 | 42 | 22 | 67 | 158 |
مقابل مكتب العمل
الحالة / كيفية المعالجة | إنتهت بدون نجاح | إنتهت بنجاح | إستشارة فقط | قيد المعالجة | المجموع |
إمتثال | 1 | 8 | 2 | 11 | 22 |
تسجيل رفض | 3 | 5 | 0 | 5 | 13 |
غير ذلك | 2 | 3 | 0 | 2 | 7 |
المجموع | 6 | 16 | 2 | 18 | 42 |
من بين طلبات ضمان الدخل التي رافقناها مقابل مكتب التأمين الوطني ومكتب العمل واجهنا عائقين رئيسيين في أداء المؤسستين يؤديان إلى رفض الطلبات:
- عدم إستيعاب الوثائق والطلبات في مكتب التأمين الوطني، وعدم التبليغ كتباياً عن وثائق مطلوبة.
- عدم إستيعاب طالبات عمل في مكتب العمل، وفشل في التصنيف مما يؤدي إلى عدم إجتياز إختبار العمل وسحب المستحقات
- هذه العوائق ظهرت حتى في تعامل المؤسستين مع نفابة معاً، حيث يرفض مكتب العمل بشكل جارف أن يجيب على توجهات النقابة الممثلة لطالبي العمل. بما يتعلق مكتب التأمين الوطني فعلى الرغم من وجود قناة إتصال مفتوحة مع مديرة الفرع تستصعب تزويدنا بأجوبة عينية دون اللجوء إلى القوالب القضائية، وحتى حين نحصل على جواب، فإن وقت الإنتظار للإجابة يكون أحياناً أشهر طويلة.
من الضروري التأكيد في هذا السياق أن الأوامر التي يتم خرقها من قبل كلا المؤسستين هي مثابة تعليمات واضحة تمت صياغتها من قبل المؤسستين نفسهما. هذه الأوامر تلزم كل موظف بكل واحدة من المؤسسات، وبما أن الحديث يدور عن مؤسسات عامة فإنها ملزمة بأسس المساواة – هم ملزمون حتى من حقيقة أن بقية الفروع للمؤسستين في البلاد تتعامل وفق هذه الإجراءات، وذلك لمنع التمييز ضد الفئات المجتمعية.
الخلاصة: تكرار العيوب المفصلة أعلاه في أداء وسلوك المؤسستين، تحوّل عملية تقديم طلبات ضمان الدخل وخاصة تقديم الوثائق والإمتثال في مكتب العمل إلى حرب إستنزاف بيروقراطية لسكان القدس الشرقية الفلسطينيين، حيث تتلاعب المؤسسات المسؤولة فيما بينها بالمطالبين، ويتقاذفونهم كالكرات من مؤسسة إلى أخرى، حيث الأولى لا تمنح مصادقة على الطلب والثانية لا تسمح له بالإمتثال دون تقديم المصادقة ذاتها. كل هذا يتم بمخالفة للأوامر ويأتي كبديل لتصرف موضوعي الذي كان من المقرر أن يؤكد بأن يحصل من يستحق على مستحقاته المعيشته بعد إجتيازته لإختبارات منطقية، ومساعدته في إيجاد عمل ملائم. حسب تقديرنا فإن هذا الأداء هو المسبب الأساسي في النسبة العالية للطلبات المرفوضة.
القسم الثاني: حالات شخصية
فيما يلي تفاصيل عدد من الحالات التي تعاملت معها “معاً” خلال السنة الماضية في تمثيل مؤمّنين مقابل مكتب التأمين الوطني، وطالبي عمل مقابل مكتب العمل. هذه الحالات تقطع الشك باليقين حول الصعوبات والعوائق التي يضطر طالبي العمل من سكان القدس الشرقية للتعامل معها بشكل يومي.
مكتب العمل يمنع المؤمّنين من التسجيل كطالبي عمل من خلال استخدام “إجراءات استثنائية” لفرع القدس الشرقية، مكتب التأمين الوطني لا يسمح بتقديم طلبات ولا يقدم موافقات للطلبات التي تُقدّم في فروع التأمين الوطني الأخرى: النتيجة هي خرق ثنائي- وقائع سحب الإستحقاقات معروفة مسبقاً.
حكاية أمل، هبة وإبتسام
على طالب مستحقات ضمان الدخل أن يقدم طلباً لمكتب التأمين الوطني مباشرة عند توفر شروط الإستحقاق. مستحقات ضمان الدخل تصنّف على أنها مستحقات الحد الأدنى للعيش المحترم، وعلى أنها كذلك، فإنه لا يتم صرفها بأثر رجعي أنما فقط منذ تقديم الطلب فقط. إستمارة الطلب تؤكّد أهمية تقديم الطلب بشكل فوري – حتى حين لا تتوفر عند المتقدم بالطلب كل الوثائق اللازمة، فبإمكانه توفيرها لاحقاً حسب طلب مكتب التأمين الوطني. على مكتب التأمين الوطني أن يقدم تأكيداً كتباياً عن استلام الطلب وكل الوثائق المرفقة، أيضاً مطالبة كتابية لكل الوثائق الإضافية إذا لزم الأمر- هذا هو الإثبات الوحيد على أن الطلب قد قُدّم وتاريخ تقديمه.
مقابل ذلك، على طالب المستحقات أن يمتثل في مكتب العمل كطالب عمل كشرط للإستحقاق، وذلك بشكل فوري، وأن اليوم الأول لامتثاله في مكتب العمل هة اليوم الأول لإستحقاقه لمخصصات ضمان الدخل.
ممثلي “معاً” يواجهون خرق الإجراءات من المؤسستين بشكل يومي، وكل منهما بشكل منفصل، وبالتأكيد مجتمعتين، تؤديان إلى سحب الإستحقاقات.
هكذا هي حكاية أمل. أمل وأولادها عانوا من عنف قوي على يد والد الأسرة، والذي كان هو معيلهم الوحيد. بعد أن قدّمت أمل ضده شكوى في الشرطة، اعتُقل وانقطعت كل العلاقات معه، وخرجت أمل إلى حياة جديدة. توجهت إلى مكتب الرفاه وتم تحويلها إلى برنامج التمكين المهني التابع لوزارة الإقتصاد. بموازاة ذلك طلبت أمل أن تقدم طلباً لضمان الدخل في مكتب التأمين الوطني. إلّا أنهم رفضوا في فرع التأمين الوطني في القدس الشرقية استلام طلبها بحجة أن “الوثائق المطلوبة لمعالجة ملفها ناقصة”، وذلك خلافاً للإجراءات التي تلزمهم باستلام طلبها، ومن ثم الطلب منها إتمام الوثائق الناقصة في حال وجودها. على ما يبدو فالأمر ليس ثغرة تقنية فقط – رفض استلام الطلب يلغي موعد تقديمه وبالتالي موعد استحقاق المخصصات، ولا حاجة للحديث عن معنى الصعوبات الكثيرة التي تترتب عن هكذا خطوة خاصة حين يكون الحديث عن مستحقات الحد الأدنى للعيش بكرامة.
بالموازاة أيضاً تقدمت أمل إلى مكتب العمل كما هو مطلوب لتتسجل كطالبة عمل، إلّا أنها واجهت هناك أيضاً مجموعة صعوبات وعوائق. عند أول امتثالٍ لها، رفض حراس المكتب السماح لها بالدخول إلى المبنى بحجة أنها جاءت في يوم استقبال الجمهور المعدّ للرجال فقط. في هذا السياق من الضروري التنويه إلى أن حراس المكتب يسمحون للرجال الذين يأتون للإمتثال أول مرة بالدخول حتى حين يصلون في يوم الإستقبال المعدّ للنساء فقط. مما يعني أن الحديث ليس فقط عن خرق الإجراءات والتمييز مقارنة مع بقية الفروع إنما تمييز حسب الجنس أيضاً.
وحين عادت أمل في اليوم المعدّ لإستقبال النساء، رفض مدير المكتب السيد موشبه بكر السماح لها بالتسجيل كطالبة عمل، هذه المرّة بحجة أنه لا يستطيع ذلك إلّا بعد أن تُقدّم له وثيقة مطبوعة ومختومة من التأمين الوطني المصادق على أنها قدّمت طلب ضمان الدخل. هذا الطلب مخالف للإجراءات التي تلزم بالتسجيل الأولي بعرض بطاقة الهوية فقط. هنا أيضاً ليس الحديث عن طلب تقني فقط، والذي يعني تأجيل موعد الإمتثال الأول (أو منع الإمتثال بشكل عام) بل عن تأجيل موعد التسجيل الذي يترتب عليه تأجيل موعد إستحقاق الممصصات (أو منع الإستحقاق بشكل عام).
فقط بعد أن توجهت أمل إلى “معاً” وفقط بعد تدخّلت نقابة معاً وأرسلت طلبها إلى التأمين الوطني، ومن ضمنها نسخة إلى مدير فرع التأمين في القدس الشرقية، وتوجهت أيضاً من خلال فاكس مستعجل ورسائل نصّيّة إلى مدير مكتب العمل، وذلك لمعاودة التأكيد على الإجراءات التي تلزمه، بعد هذا التدخل فقط حصلت أمل على معالجة عادلة لملفها من قبل المؤسستين. بدون تدخّل “معاً” كان طلب أمل سيُرفض في أعقاب السلوك الموضّح أعلاه.
هبة أيضاً توجهت إلى “معاً” بعد أن رفض موظف مكتب العمل السماح لها بالتسجيل كطالبة عمل، وقال لها أنها لا تستطيع التسجيل من دون وثيقة مطبوعة ومختومة من التأمين الوطني يصادق فيها على أنها قدمت طلب لضمان الدخل. وقد توجهت نقابة معاً بشكل مباشر إلى مدير مكتب العمل وبالتنسيق معه تم تحديد موعد إمتثال جديد لهبة. ولكن حين وصلت في الموعد المتفق عليه رفض الموظف تسجيل إمتثالها من دون تلك الوثيقة من التأمين الوطني، وخلال حديث ممثلي “معاً” معه قال أنه يعمل وفق تعليمات واضحة ومباشرة من مدير مكتب العمل ذاته. توجه ممثلو “معاً” إلى مدير مكتب العمل كي يتم تسجيل إمتثال هبة، وأيضاً لإلغاء الإجراءات الإستثنائية والتمييزية في مكتب العمل في القدس الشرقية، وقد تفاجأوا من جوابه ألواضح عن الإجراءات المتبعة في مكتب العمل في القدس الشرقية، وبحسب أقوال مدير الدائرة: “عند التسجيل كطالبي ضمان الدخل، يجب إحضار إستمارة من التأمين الوطني”. هذه الأقوال هي اعتراف علني بشأن إستحداث إجراء إستثنائي لفرع القدس الشرقية، وهو يتعارض بشكل صارخ مع إجراءات مكتب العمل في الفروع الأخرى. فقط بعد إصرار ممثلي “معاً” قام مدير مكتب العمل بتسجيل إمتثال هبة –الأمر الذي حسب اعترافه الكتابيّ يخصّ إجراءات “إستثنائية”- الأمر الذي ما كان ليحدث دون أي شك لولا هذا التدخل، وهكذا كان سيعيق طلب هبة بشكل غير قانوني. موافقة المدير على تسجيل إمتثال هبة هو إثبات واضح على أن الطلب الذي قدّمه مدير الدائرة كتابياً قبل ساعات قليلة حول الموافقة المسبقة لمكتب التأمين الوطني ليست إلا من بناة أفكاره، حيث أنه لم يكن هناك أي عائق لتسجيل إمتثال هبة دون أي وثائق إضافية.
إبتسام أيضاً واجهت عوائق مشابهة، في بداية عام 2015 قدّم الزوجان إبتسام وأيمن طلباً لضمان الدخل وبدأوا بالإمتثال مباشرة في مكتب العمل. في البداية إمتثل أيمن في يوم الإستقبال المعدّ للرجال، وبعده إمتثلت إبتسام. ولكن خلافاً لأيمن، عمل موظفو الدائرة بما يتنافى مع الإجراءات واشترطوا إمتثال إبتسام بتقديم وثيقة مختومة ومطبوعة تثبت أنها قدّمت طلباً في مكتب التأمين الوطني.
على الرغم من أن هذا الطلب لا لزوم له، توجهت إبتسام إلى فرع التأمين الوطني، وهناك واجهت رفضاً قاطعاً لمنحها مصادقة على تقديم الطلب، وهذا يخالف الإجراءات التي تلزم بمنح مصادقة كتابية عند تقديم الطلب. الزوجان إبتسام وأيمن تم التلاعب بهما هكذا طيلة شهرين وتم رفضهما جيئة وذهاباً مرة تلو المرة، حتى في النهاية، بعد أن توجه أيمن مراراً لمدير مكتب العمل، قان الأخير بالإستفسار من مكتب التأمين الوطني، واكتشف أن الزوجان قد قدّما طلباً، وأبلغ أيمن أن إبتسام تستطيع الإمتثال في يوم الغد. ولكن في اليوم التالي عندما إمتثلت إبتسام مع زوجها، أبلغهم موظف مكتب العمل السيد يعقوب بنياشفيلي “إكسروا رأسكم مع التأمين الوطني، هذا الأمر لا يعنيني، أنا لا أعمل عند التأمين الوطني، لا أعرف السيد بكر (مديره المباشر) ولست مستعداً لتسجيل إمتثال زوجتك بدون وثيقة مختومة ومطبوعة من التأمين الوطني”. فقط بعد تدخل مدير مكتب العمل قام الموظف بتسجيل إمتثالها، ولكن الوقت قد تأخر – مكتب التأمين الوطني قد رفض طلب الزوجين لأن إبتسام لم يتسجل إمتثالها في الوقت المتاح.
بمساعدة “معاً” قدّم الزوجان طلباً جديداً لضمان الدخل الذي تمت الموافقة عليها هذه المرّة، وفي هذه الأيام نحن نحضّر دعوى من أجل دفع مستحقات عن الطلب الأول الذي رُفض بشكل تعسفي بسبب خرق الإجراءات الملزمة.
النشاط الميداني لنقابة “معاً” يُظهر أن فرع التأمين الوطني في القدس الشرقية، وبشكل مدروس ومنهجي، لا يسمح لطالبي المستحقات أن يُقدّموا طلباتهم بحجة أن “الوثائق ناقصة” حتى بدون أن يتم فحص الوثائق المرفقة مع الطلب. وفي المرات التي يتم فيها تقديم الطلب، فإنه لا يمنح مصادقة لا مطبوعة ولا غيرها عن تقديم الطلب، ومكتب العمل يرفض أن يمتثل طالبو العمل من دون هذه المصادقة، وكل هذا يتعارض مع الإجراءات القانونية وواجب المؤسسات إزاء المواطنين.
بالإضافة لاعتراف مدير مكتب العمل الواضح بشأن “الإجراء الإستثنائي” المتّبع في دائرته، فإنه في لقاء مع مديرة فرع مكتب التأمين الوطني في القدس الشرقية، السيدة إيتي رعنان، قالت أنه حقاً يتم إعادة طالبي المستحقات كما جاءوا في حال كان ينقصهم ولو مستند واحد. رغم إلتزام مديرة الفرع للعمل على تغيير هذا الوضع، والتدقيق على إعطاء المصادقات عند تقديم الطلبات الووثائق. النشاط الميداني لنقابة “معاً” يُظهر أن الوضع مازال على حاله، حتى ولو ظهر بعض التحسن الرمزي.
النتيجة لخرق الإجراءات من قبل المؤسستين، حيث من جهة هنالك طلب لمصادقات ليست مطلوبة، ومن جهة ثانية لا يتم منح هذه المصادقات من مكتب التأمين الوطني، هي بمثابة كارثة – سكان القدس الشرقية المحتاجين لمستحقات معيشة، يتم تقاذفهم كالكرة من مؤسسة إلى أخرى، وفي النهاية يفقدون حقوقهم.
مكتب التأمين الوطني يخرق الإجراءات حين لا يُعطي تصديقاً على تقديم الطلبات، ولا يُفسر أسباب قراراته لا كتابياً ولا غيره، ظروف فيزيائية متدنية في مكتب العمل تُصعّب وحتى أنها قد تمنع من المرضى الإمتثال كما هو مطلوب.
حكاية عبد
يعاني عبد من قيود صحية صعبة، حيث خلال السنتين الأخيرتين وفي أعقاب تضرر عدة فقرات من ظهره وسقوطة على ظهره مرّة، بدأ وضعه بتدهور وليس بإستطاعته العمل. عام 2014 قدّم عبد طلبين لضمان الدخل. أثناء معالجة طلبه قدّم عبد لمكتب التأمين الوطني كل الوثائق التي طُلبت منه. ولكن خلافاً للإجراءات فإن فرع القدس الشرقية لم يمنحه تصديقاً على الوثائق التي تم تقديمها، وهكذا فقد اضطر عبد لتقديم هذه الوثائق مرّة تلو المرّة. لأنه لم يكن بحوزته أي إثبات على تقديم الوثائق من قبل، عمل عبد كما طُلب منه وقدّم الوثائق مرّة تلو المرّة.
رغم ذلك فإن الطلبين قد رُفضا بحجة أنه لم يُقدم الوثائق المطلوبة. أيضاً لأنه لم يكن بحوزته إثبات على أنه قدم الوثائق المطلوبة، لم يكن لديه أي طريقة لإثبات أنه قدّم كل الوثائق وبقي خالي الوفاض.
بعد أن توجه إلى “معاً”، قدّم القسم القانوني في “معاً” طلباً إلى محكمة العمل من أجل المصادقة على الطلب الذي قدّمه عبد عام 2014. هذا الطلب ما زال خاضعاً للمداولات في المحكمة، ومنذ الجلسة الأولى – خلال هذه الجلسة أوضحت رئيسة محكمة العمل اللوائية في القدس، القاضية ديتا فروجينين، أنه على ضوء الإدعاءات الكثيرة التي قدمها المشتكون بخصوص عدم إعطاء تصديق عن تقديم الوثائق، من الجدير فحص الموضوع إلى العمق – أعلن مكتب التأمين الوطني أنه يوافق على الطلب الذي قُدّم في بداية عام 2014.
بالتوازي مع التوجه إلى المحكمة، قدّم عبد لمكتب التأمين الوطني طلباً إضافياً لضمان الدخل كما أشارت عليه “معاً” عام 2015. تمت المصادقة على هذا الطلب، إلا أنه تم إقتطاع قيمة المنحة بحجة أن لعبد دخل إضافي من عقار بقيمة 2000 شيكل، وذلك على الرغم من أن دخله من هذا العقار إذا وُجد فهو 400 شيكل لا أكثر، توجهات عبد و”معاً” لمكتب التأمين الوطني للاستفسار عن هذا الإقتطاع الكبير بقيت بدون جواب لفترة طويلة، وهذا بخلاف واجبات مكتب التأمين الوطني بالإستجابة لطالبي المستحقات وممثايهم خلال فترة معقولة – لكي لا تمنع عنهم المستحقات الحياتية دون وجه حق. بموجب أداء مكتب التأمين الوطني هذا لم تبق خيارات غير التوجه إلى المحكمة بهذا الموضوع أيضاً، ولو لتلقي توضيح. من حقنا التوضيح بأن الطلب بتفسير هذه القرارات هو طلب جوهري – حين لا يكلف التأمين الوطني نفسه عناء تفسير قراراته، فهذا يراكم الصعوبات الحقيقية في الإستئناف على هذه القرارات وبالتالي الإضرار في القدرة على تحصيل هذا الحق.
في يوم 21 آذار 2015 تعثر عبد وسقط على ظهره مما أدى لتفاقم وضعه، واضطر لملازمة فراشة حسب توصية الطبيب، وبناء على منعه من القيام بأي جهد، اضطر أيضاً إلى عدم الإمتثال في مكتب العمل، مكتب التأمين الوطني رفض الوثائق الطبية التي قدمها له عبد بحجة أن هذا لا يعني عدم قدرته على العمل. هكذا مُنعت عنه المستحقات لمدة شهرين. ولكن رفض مكتب التأمين الوطني للوثائق الطبية تم بمخالفة الإجراءات التي تلزم طبيب مكتب التأمين الوطني بالتوجه إلى الطبيب المعالج – حين يكون لديه شك حول هذه الوثائق- وأن يطلب معاينة شاملة لكل ما يتعلق بحالة المريض وأن يتخذ قراراً بناء على كل الوثائق المتعلقة. الإجراءات تلزم طبيب مكتب التأمين الوطني بتفسير قراره. هذه الأمور لم تتم بحالة عبد. فقط بعد تدخل “معاً” تمت المصادقة على غياب عبد عن التسجيل وأعيدت له المستحقات بأثر رجعي، من الجدير ذكره أن هذا التأخير أدى إلى أضرار جسيمة لعبد، في الوقت الذي كان به بأمس الحاجة من الناحية الجسدية اضطر إلى العيش دون أي دخل.
يعاني عبد من آلام حادة أثناء الوقوف أو الجلوس لفترة طويلة، ويستطيع التحرك فقط مع جهاز مساعدة. في هذه الأيام يُقدم عبد طلباً للإعتراف بإعاقه كاملة، وإلى حين المصادقة عليها عليه الإمتثال في مكتب العمل أسبوعياً، والطابور في مكتب العمل يمتد لساعات طويلة خارج المبنى دون وقاية من حر الشمس أو المطر (وحتى الثلج) وبدون كرسي طبي. بعد هذا الطابور الطويل خارج المبنى، يضطر طالب العمل إلى الإنتظار في طابورين آخرين لإجتياز الفحص الأمني داخل المبنى، صحيح أن في مكتب العمل ماكينات للإمتثال للتسجيل ولكنها ليست حلاً مقبولاً، أولاً لأن الطابور إلى هذه الماكينات الموجودة خارج المبنى، يضطر عبد إلى الحضور إلى مكتب العمل في الساعة 6:30 صباحاً – ساعة كاملة قبيل تشغيل الماكينات، لكي لا يضطر إلى الوقوف أكثر في الطابور، ثانياً لأنه مرّة في الشهر يتطلب من كل طالب العمل أن يمتثل أمام موظف، وثالثاً لأن الماكينات في القدس الشرقية متعطلة في غالب الأحيان.
إضافة إلى ذلك يعاني عبد من سلوك مسيء من قبل الحراس في الدائرة، على سبيل المثال، بعد أن طلب في إحدى المرات أن يسمحوا له بالدخول قبل وصول دوره بسبب صعوباته الصحية، سمح له الحراس بالدخول ولكنهم أوقفوه اافحص زمناً مضاعفاً دون إمكانية للجلوس، وأثناء الفحص باعدوا ما بين رجلية دون أي حاجة وتسببوا له آلاماً حادة جداً.
سحب المستحقات في أعقاب الغياب بسبب حالو صحية، بالقوة، بدون تفسير، وبما يتخالف مع الإجراءات
حكاية نجاح
خضعت نجاح لعلاج الإخصاب، أثناء ذلك اضطرت إلى علاج طبي ومن ضمنه علاج كانت طريحة الفراش بعده لمدّة أسبوعين، حسب تعليمات الطبيب المعالج. وفي اليوم ذاته قدّم زوجها الوثائق الطبية إلى مكتب التأمين الوطني. في نهاية الشهر تفاجأ الزوجان أن مستحقاتهم قد سُحبت بسبب غياب نجاح عن الإمتثال في مكتب العمل.
توجه مكتب معاً أظهر أن الوثائق الطبية التي قدّماها غير موجودة نهائياً في ملف الزوجين في مكتب التأمين الوطني، مما يعني أنه لم يتم فحص هذه الوثائق نهائياً.
من خلال توجه نقابة معاً إلى مديرة فرع التأمين الوطني، حصلنا على جواب جديد ومختلف والذي كان ملتوٍ جداً. بحسبه فإن طبيب مكتب التأمين الوطني، صادق فقط على جزء من أيام المرض التي أقرها طبيب نجاح، مما أدى إلى سحب المستحقات من الزوجين لفترة شهرين. ويتبين من ذلك إن التأمين الوطني غير موقفه وقدم تفسير جديد، ومرة ثانية يرفض الوثائق الطبية بطريقة قاسية – بدون أن يتم الإستفسار عن أي شيء مع نجاح و/أو طبيبها. توجهات “معاً” للحصول على توضيح مفسّر لم تؤت ثمارها، مما يضطر “معاً” إلى التوجه لمحكمة العمل في موضوع نجاح أيضاً. بضعة أشهر بعد هذه الحادثة، طلب الطبيب من نجاح مرّة ثانية أن لا تغادر فراشها، ولكن بسبب الخوف من سحب المستحقات الضرورية للعائلة، قامت نجاح بخرق قرار الطبيب وامتثلت للتسجيل في مكتب العمل. بعد فترة قصيرة أجهضت نجاح.
سحب المستحقات في أعقاب توجيه إلى عمل غير مناسب، تسجيل رفض غير قانوني، وسلوك مخالف للإجراءات في لجنة الإستئناف التابعة لمكتب العمل.
حكاية أمل
تعاني أمل من مشاكل صعبة في الظهر ومن إكتئاب سريري، ولم تعمل خلال الخمس سنوات الماضية بسبب وضعها الصحي. بعد أن قدّمت أمل طلباً لضمان الدخل في مكتب التأمين الوطني، بدأت بالإمتثال في مكتب العمل كما طلب منها.
عندما يمتثل طالب العمل في مكتب العمل، يتطلب الأمر من موظفي المكتب القيام بإجراء عملية تصنيف، ومن ضمنها إستيضاح وضعه الصحي، وذلك لمنع أن يتم تحويل طالب العمل إلى أشغال لا تتناسب ووضعه الشخصي. هذه العملية لم تتم في حالة أمل، مما أدى إلى إرسالها إلى عمل غير مناسب. أمل التي كانت خائفة من فقدان المستحقات، وافقت على أي عمل، وهكذا وجدت نفسها عام 2014 تعمل في التنظيف التي أرسلت إليها، رغم مشاكل الظهر التي تعاني منها. وبعد شهرين في العمل تفاقم وضعها الصحي مما أدى إلى إقالتها.
فقط بعد هذه الحادثة وتفاقم وضعها، أبلغت أمل مكتب العمل عن وضعها الصحي وطلبت الإمتثال أمام لجنة طبية لتحديد قدرتها على العمل. فقط بعد طلبات متعددة ومتكررة عقدت اللجنة الطبية الجلسة لمناقشة وضعها الصحي، ولكن حتى بعد مرور أشهر عديدة على الجلسة، لم تحصل أمل على قرار اللجنة، وذلك أيضاً بعد توجهات “معاً” بهذا الخصوص وعملياً حتى يومنا هذا.
من الجدير ذكره أن إمتناع مكتب العمل عن إعطاء القرار لأمل يمنعها من الإستئناف على القرار حسب الحاجة. ألتأخير في الموضوع يعتبر أمرا سلوك مناقض للإجراءات، التي تلزم اللجنة باتخاذ قرار فوري وتسليمه للمتقدم بالطلب، بمرافقة محضر الجلسة خلال 10 أيام.
مؤخراً تم توجيه أمل إلى العمل في التنظيف مرّة ثانية. وهذه المرّة أيضاً ورغم وضعها الصحي، امتثلت أمل لمقابلة العمل في محاولة للحصول على الوظيفة. في مكاتب صاحب العمل انتظرت أمل أكثر من ساعة ونصف، ثم توجهت إلى أحد العمال هناك وطلبت الإستفسار عن موعد دخولها للمقابلة، وأوضحت أن لديها موعد عند الطبيب بعد المقابلة. أخذ العامل إستمارة العمل من يدها وحين عاد أعطاها الإستمارة ومكتوب عليها أن أمل رفضت العمل في التنظيف، في حين أن مقابلة العمل لم تتم. توجهت أمل إلى المسؤولة عن المقابلة في مكتب صاحب العمل، وأوضحت لها أنها معنية بالعمل وطلبت منها أن تجري معها مقابلة عمل، ولكنها رفضت ذلك. في أعقاب ذلك سجّل مكتب العمل أنها رفضت العمل، رغم أن أمل أوضحت أمام موظف مكتب العمل أنها لم ترفض العمل، وذكرت له كيف سارت الأمور إلا أن الموظف سجّل أن أمل رفضت العمل من دون إستيضاح الأمر مع صاحب العمل – هذا الإستيضاح هو ملزم في أسرع وقت حسب إجراءات مكتب العمل وحسب قرار محكمة العمل في حالات تسجيل الرفض، وخاصّة حين يُعلن طالب العمل موقفاً يتعارض مع ما هو مسجل على إستمارة العمل. موظف مكتب العمل خرق الإجراءات مرّة ثانية عندما لم يقم بتعبئة إستمارة المتابعة التي توثق الحديث (الذي لم يحصل) مع صاحب العمل/ المُشغّل، وأيضاً حين لم يعط لأمل إستمارة رفض عمل مفسّرة.
وفقاً للإجراءات، في غياب إستمارة المتابعة في الملف، يجب على مدير مكتب العمل أن يلغي تسجيل الرفض حتى بدون وجود مناقشة في لجنة الإستئناف، الأمر الذي لم يحصل. بكل الضيق والمعاناة، قدّمت أمل إستئنافاً على تسجيل الرفض إلى لجنة الإستئناف في مكتب العمل، وهنا أيضاً واجهت سلسلة من خرق الإجراءات وإجراءات مرفوضة: أولاً، رغم أن أمل أعلنت أن “معاً” هي ممثلها، أبلغت مكتب العمل “معاً” عن الجلسة في ملفها في لجنة الإستئناف ساعتين فقط قبل موعد بدء الجلسة – الأمر الذي منع من أمل الحصول على تمثيل.
وكانت النتيجة (الإنتقال إلى منع التمثيل عن أمل الأمر الخطير بحد ذاته وتشكل ثغرة عميقة) سلوك مسيء تجاه أمل من طرف اللجنة، أيضاً على ضوء أن ممثل اللجنة السيد يعقوب بنياشفيلي مارس أثناء الجلسة التخويف على أمل بالصراخ بصوت عال، منعها من الحديث، ولم يسمح لها بطرح إدعائاتها. اضافة الى ذلك أجريت الجلسة بغياب مترجم الى العربية رغم عن إن أمل لا تتكلم اللغة العبرية وفي غياب مندوب عن “معاً” الذيث كان بإمكانه الترجمة، كان المترجم الوحيد لأقوالها موظف مكتب العمل وليس مترجما محايدا. رئيس اللجنة لم يتجاهل ذلك في تقريره عن الجلسة حين أشار إلى أن “ربما هنالك خللا في غياب ترجمة للعربية ومن العربية للعبرية أثناء المناقشات أمام هذه اللجنة، وأن اللجنة تضطر للحصول على خدمات الترجمة من من هم أطراف في النقاش، الأمر الذي ينجم عنه مشاكل متعددة، منها إجراء “مناقشات شخصية” و”مجادلات” هنا وهناك، واللجنة ليست طرفاً فيها وهلمّ جرّا.” ولكن لسبب ما لم يجد رئيس اللجنة أن هذا الخلل –العائد إلى أساس الحق في التمثيل- عميق كفاية لكي يلغي تسجيل الرفض).
قرار اللجنة لم يتجاهل الإجراءات فحسب، إنما ايضا إدعاءات أمل الجوهرية. وبناء على ذلك قدّم القسم القانوني في نقابة معاً إستئنافاً باسم أمل إلى المحكمة، هاجم سلوك مكتب العمل بما يخص تسجيل الرفض والتوجيه إلى عمل غير مناسب، وأيضاً بما يخص سلوك اللجنة الطبية ولجنة الإستئناف.
إلغاء مستحقات دون وجه حق في أعقاب رفض التأمين الوطني لطالب العمل بتقديم وثائقه. عدم إستجابة مكتب التأمين الوطني لتوجه من قبل نقابة معاً
حكاية موسى
يحصل موسى على مستحقات ضمان الدخل ويمتثل أسبوعياً في مكتب العمل. في نهاية عام 2014 بدأ موسى بالعمل في مكان العمل الذي وجهه إليه مكتب العمل. ولكن للأسف تم فصله من العمل بعد شهرين فقط. في حالات كهذه، إذا عاد طالب العمل للإمتثال في مكتب العمل مباشرة بعد فصله، على مكتب التأمين الوطني أن يواصل دفع مستحقاته. وهكذا فقد أسرع موسى وإمتثل في مكتب العمل فور فصله عن العمل وكذلك قدّم إلى التأمين الوطني قسائم الأجر عن الفترة التي عمل فيها.
رغم ذلك، ألغى مكتب التأمين الوطني حق موسى في المستحقات وأبلغه أن عليه تقديم طلب جديد، وذلك لأنه لم يمتثل في هذين الشهرين – الشهرين الذين عمل خلالهما موسى ولم يكن عليه أن يمتثل، الشهرين الذين قدّم عنهما قسائم أجر لمكتب التأمين الوطني تثبت هذه الحقيقة. بعد أن توجه موسى إلى “معاً”، قدّمت النقابة قسائم الأجر ذاتها إلى مكتب التأمين الوطني، وطلبت بإلغاء سحب المستحقات الذي تم بشكل خاطئ. ولكن لم يصل أي جواب إلى مكاتب “معاً”. إضافة الى ذلك توجه موسى نفسه إلى فرع التأمين الوطني مرّة ثانية وطلب تسليم قسائم الأجر باليد، ولكن موظفي الفرع رفضوا إستلام الوثائق.
بعد رسالة تذكير أخرى أرسلتها نقابة معاً، أبلغ التأمين الوطني أنه يعتمد على تقرير مكتب العمل، ولذا على مكتب العمل أن يصحح التسجيل لكي يتم إلغاء سحب المستحقات. ولكن بعد التوجه إلى مكتب العمل إتضح أن سجلّ موسى هناك صحيح وهو فعلاً إمتثل بشكل كامل وكما هو مطلوب مما يستوجب دفع مستحقاته وما من سبب لإلغائها. رغم أنه ليس من واجب طالب العمل تبليغ مكتب التأمين الوطني بتسجيلات مكتب العمل، فقد أرسلت “معاً” التسجيلات الصحيحة 4 مرات إلى مكتب التأمين الوطني من خلال الفاكس والبريد المُسجّل ولم تتلق أي جواب. فقط بعد 8 أشهر من إرسال أول الوثائق، وأثناء جلسة دارت في مكتب مديرة فرع مكتب التأمين الوطني مع مندوبي “معاً”، اتضح لمندوبي “معاً” أنه لم يتم إدراج أي واحد من هذه الوثائق التي أرسلت على مدار 8 أشهر السابقة في ملف موسى. لقد وعدت مديرة الفرع بحل الموضوع بأقرب وقت ولكن الجلسة كانت في يوم 2015-6-29 وحتى موعد كتابة هذا التقرير لم تحصل “معاً” على أي جواب، رغم إستمرار المراسلات مع مديرة الفرع.
لذا، يتم في هذه الأيام تقديم شكوى إلى محكمة العمل في موضوع موسى بطلب دفع مستحقاته، بعد أن تم إلغاؤها بسبب خطأ واحد ووحيد لموسى وهو أنه إمتثل للعمل الذي وجهته إليه مكتب العمل.
كُتب هذا التقرير كجزء من مشروع مشترك لنقابة معاً العمالية وجمعية “عير عاميم”، بتمويل من الإتحاد الأروبي، ويهدف المشروع إلى مساعدة المجتمع الفلسطيني في القدس الشرقية في مجال البنى التحتية وتحقيق الحقوق الإجتماعية-الإقتصادية في وجه السياسة الإسرائيلية وتبعاتها، وبالتشديد على ما يحدث ضمن الأحياء التي تم إخراجها خارج جدار الفصل (مخيم شعفاط وكفر عقب).
كتب التقرير – ايرز فاغنر. مراجعة قانونية – آية بارتنشتين
نقابة العمال معاً هي المسؤول الوحيد عن محتوى هذه الوثيقة.
[1] المعطيات عن سنة 2013 وذلك بحسب النشرة الإحصائية التي نشرها معهد القدس للدراسات الإسرائيلية عام 2015
[3] حسب مكتب التأمين الوطني خط الفقر في إسرائيل لسنة 2013 يقف عند 2,989 شيكل شهرياً للفرد الواحد و 4,783 شيكل للزوج. لعائلة من 5 أفراد فإن الدخل المعادل لخط الفقر هو 9,000 شيكل.