اجرت المقابلة – وفاء طيارة، مديرة مشروع “المرأة والعمل” في باقة الغربية
ولدت موزة غانم، 47 عاما، في قرية صيدا بالضفة الغربية. تزوجت من رجل من قرية زيمر في المثلث وأنجبت أربعة أطفال. انضمت موزة إلى برنامج معا، المرأة والعمل في عام 2008. في البداية، عملت في مصنع للتعبئة، وفي السنوات الأخيرة تعمل موزة في التنظيف في سيمنار هكيبوتسيم.
وفاء طيارة: كيف وصلت إلى معا؟
غانم: عملت في الزراعة من خلال مقاولين وعانيت من الاستغلال وسوء المعاملة. لقد أعطوني قسيمة راتب، لكنها كانت مزيفة، ولم تعكس ساعات العمل الفعلية. سمعت من بعض النساء عن نقابة عمال معا. اتصلت بك يا وفاء وأدركت أن النقابة التي تمثلينها تنظم العمل وفقا للقانون. هرعت إلى فرع معا، الذي كان يقع في كفر قرع في ذلك الوقت. لم أكن أعتقد أنني سأجد صاحب عمل عادل، لكنني قررت ان أجرب الامر. لم أنتظر طويلا، فقمتم بأرسالي وسبع عاملات حضرن معي الى مصنع كبير للتعبئة يوظف مئات العمال. كنت سعيدة جدا، وأحببت المشروع ككل. على عكس الموظفين في مكتب العمل الذين لا يهتمون بالعامل على الإطلاق، حظيت بمعا لأذنا صاغية ومعاملة إنسانية. لقد شرحت لي أن الهدف العام لمشروع المرأة والعمل هو إعطاء النساء غير المتعلمات أدوات للاندماج في سوق العمل، وبالتالي انتشال أسرهن من الفقر. كنت دائما تردين علي بالصبر والاهتمام.
طيارة: كيف نجحت بالتنسيق بين كونك أم لأربعة أطفال وكامرأة عاملة؟
غانم: اعتدت الاستيقاظ كل يوم في الساعة 3:00 صباحا، فأعد للأطفال وجبة الغداء. واحضر لهم السندويشات للمدرسة. اغادر البيت الى العمل في الساعة 5:00 صباحا، وعملت من الساعة 6:00 صباحا، 8 ساعات على الأقل، وأحيانا ساعات إضافية. لم يكن الأمر سهلا، لكن الوضع المالي كان صعبا، فقد تراكمت علينا الديون بسبب الأوقات التي لم يتمكن فيها زوجي من العثور على عمل، ولم يكن لدي خيار. كنت آمل في الحصول على راتب جيد.
طيارة: أخبرينا عن اندماجك في العمل
غانم: عندما تلقيت الراتب لأول مرة (في المصنع)، كان ذلك من أسعد أيام حياتي. لأول مرة في حياتي، تلقيت قسيمة راتب تعكس ساعات عملي، انت شرحت لي أهمية قسيمة الراتب وكيفية التحقق منها وفهمها. في بعض الأحيان واجهتني صعوبات في مكان العمل، إما بسبب التعب، أو بسبب مشاكل مع رئيس العمال أو العمال الآخرين، لكنني شعرت أنني كنت أتلقى الدعم والتقدير من معا. تشبثت بالعمل على الرغم من الصعوبات، لحماية مصدر دخلي. في غضون بضعة أشهر، تحسن الوضع المالي للعائلة، وتمكنا من الخروج من الديون، لكن العمل كان موسميا وعند نهاية الموسم، كنت مضطرة للعثور على وظيفة أخرى على الفور، حتى لا أعود ماليا الى الوراء. عملت في المصنع لمدة عامين.
طيارة: هل ساعدك زوجك في تربية الأطفال؟
غانم: مثل العديد من الرجال، زوجي لديه وجهة نظر محافظة حول تقسيم الأدوار في الأسرة، وكل مسؤولية تربية الأطفال تقع على عاتقي. لكنه لم يعترض على ذهابي إلى العمل، وبالنسبة لي كان ذلك مهما في حد ذاته. ربيت أطفالي على مساعدتي في المنزل، واعتنت ابنتي بالولد الصغير، وساعد الابنان الآخران في المنزل وقسما المهام بينهما. بعد عامين، طلبت منك أن تجدي لي وظيفة أخرى، لأنني اضطررت للعمل ساعات إضافية في المصنع، وشعرت أنني لا أقضي وقتا كافيا مع الأطفال. لقد عرضت علي العمل في التنظيف في سيمنار هكبوتسيم، وكانت هذه قفزة نوعية.
أصبحت مسؤولة عن مجموعة من العاملات اللواتي احضرتهن في سيارة عائلتي للعمل في تل أبيب، وهو مكان لم أكن أعرفه على الإطلاق. هناك تعلمت التحدث باللغة العبرية وأيضا القراءة والكتابة بمساعدة دورة أعطونا إياها من مكان العمل بإدارة الطالبات. في البداية كان الأمر صعبا للغاية، كنت أرتجل بطرق مختلفة للتواصل مع الإدارة والطلاب في الكلية. اليوم الوضع مختلف وهناك العديد من البرامج التي تساعد في الترجمة. قامت الكلية بعقد اجتماع جمع بيننا عاملات النظافة واعضاء لجنة الطلاب، تمت معاملتنا بشكل جيد، لقد دعونا إلى العديد من التجمعات الطلابية الذين طلبوا التعرف على عاملات النظافة. قدمنا أنفسنا لهم، وطرحوا الكثير من الأسئلة، وطلبنا منهم مساعدتنا والتأكد من وضع الكراسي على الطاولات في نهاية الدوام. لقد عوملنا مثل أي موظف جامعي آخر، ودعونا للمشاركة في العطلة لرحلة إلى الخارج مع جميع الموظفين. ونحن، من جانبنا، قمنا بتنظيم فعالية لهم هدفت الى التعرف على الطعام الفلسطيني.
طيارة: ماذا قدم لك العمل إلى جانب كسب العيش؟ ماذا أضاف لك لحياتك الشخصية؟
غانم: أنا امرأة نشيطة جدا، أحب التحرك والقيام بأعمال كثيرة. العمل منحني الفرصة للحراك. لقد حررني ليس فقط من الضغوط الاقتصادية ولكن أيضا من الضغوط الاجتماعية والنفسية. في سيمنار هكبوتسيم، أصبحت مسؤولة عن مجموعة من العاملات، وقدت السيارة في منطقة لم أكن أعرفها، وتعلمت القيادة بشكل جيد، وكل هذا عززني شخصيا. قبل أن أعمل، كان علي أن أطلب من زوجي المال لتغطية نفقات الأسرة، ولم أكن أحب أن أكون في هذا الوضع. تقريبا عندما بدأت العمل، شعرت بالفخر لأنني لم أكن بحاجة إلى رجل ليقود لي السيارة، أو يعطيني مصروف الجيب، أو يسمح لي بالوفاء بمسؤولياتي، من الآن فصاعدا انا مستقلة. حقيقة أنني معيلة ثابتة قد غير وضعي في عائلتي واليوم أنا “وزيرة المالية”.
من ناحية أخرى، تقف معا إلى جانبنا وترافقنا عندما يكون هناك نزاع في مكان العمل، وتدعونا للمشاركة في الاجتماعات التي ساعدتنا على تنظيم الحياة الأسرية بعد الخروج إلى العمل. تعلمنا عن تقسيم العمل في الأسرة، وتلقينا أيضا دروس اثراء، مثل كيفية تنظيم ميزانية الأسرة، وما هي قوانين العمل، والعلاقة بين العامل وصاحب العمل. بالإضافة إلى ذلك، دعمتنا معا أيضا بأنشطة ممتعة مثل الرحلات ويوغا الضحك وورش العمل حول المناخ وغيرها. أفتخر بعضويتي في معا، وأشارك في جميع أنشطتها. لقد استضفت وفود من معا من الخارج في منزلي حتى يتعرفوا على مشروع المرأة والعمل وعلى ثقافتنا.
طيارة: هل تشعرين أنك حققت حلمك؟
: نعم ولا. على الرغم من أنني لا أخجل من كوني عاملة نظافة، إلا أنني أحلم بالانتقال إلى وظيفة أخرى والمضي قدما. وهذا الامر أصبح ممكنا بعد كل الدعم والتمكين الذي تلقيته في معا. لقد تحققت بعض أحلامي بالفعل، مثل رخصة القيادة الخاصة بي. أردت أيضا أن أزرع بعض أنواع النباتات، واشتريت قطعة أرض زراعية، وأزرع معظم الخضروات والتوابل، بما في ذلك بذور السمسم التي أصنع منها الطحينة، وعباد الشمس للاستخدام المنزلي. كما زرعت الزعتر، والذي أبيعه في أيام السبت والأعياد، الزعتر الجاف ابيعه في الصيف، وفي الشتاء احضر منه الفطائر. وأحب أيضا تربية الزهور. في معا تعلمت أيضا أهمية الحفاظ على البيئة. أصبحت مدركة للقدرة على توليد الكهرباء من الطاقة الشمسية بعد أن شاركت في دورة في معا حول هذا الموضوع، وأنشأت مثل هذا النظام الذي يوفر لنا جميع الاحتياجات الكهربائية في المنزل، خاصة ان لا علاقة له بشركة الكهرباء وذلك بسبب المشاكل في رخصة البناء. أقوم أيضا. بجمع مياه الأمطار في براميل وسقي الخضروات بها. أنصح الجميع بالعودة إلى الطبيعة، وعدم تناول الطعام الصناعي، لأن الطعام الطبيعي يشجعنا على مواجهة الضغوط. شاركت في العديد من الفعاليات المشتركة مع اليهود والعرب، على سبيل المثال في موسم قطف الزيتون في سنديانة الجليل، عندما قمت بإعداد مناقيش الزعتر الطازج لجميع المتطوعين. بالإضافة إلى ذلك، أقوم بتربية حصان وركوبه، إنه حلم آخر حققته. هناك من ينتقدني، لكنني لا أهتم. وبالطبع، أحلم بأن يتزوج أطفالي ويعيشون حياة جيدة دون صعوبات.
طيارة: هل واجهت المشاكل كونك لست من السكان المحليين؟
غانم: لقد نشأت في قرية صيدا في الضفة الغربية، ومن جيراني العرب عوملت في البداية بازدراء. كانوا ينادونني ب “الضفاوية” (من الضفة الغربية) ككلمة مهينة، وفي كل مرة أردت فيها أخذ زمام المبادرة، حاولوا وضع العقبات أمامي لمنعي. لكن وضعي تغير اليوم. أعتقد أن الحياة مليئة بجميع أنواع الصعوبات، ولكن علينا أن نكون إيجابيين. سأعطيك مثالا: ابني مصاب بمرض السكري، لكنني أرافقه، وأشجعه، وأعتني بان اوازن السكر في دمه، ودمي كوني انا أيضا مريضة سكري. يشارك ابني في مجموعة دعم يهودية عربية يديرها صندوق المرضى للأطفال المصابين بالسكري. ينظمون الرحلات والندوات ويساعدون بعضهم البعض على التعامل مع المرض في رأيي، هذه هي الطريقة التي يجب أن يساعد بها المجتمع بأكمله، وخاصة النساء فيه، بعضهن البعض على التعامل مع الصعوبات.
طيارة: كيف ترين النساء العربيات في مجتمعنا؟
المرأة العربية نشيطة وشجاعة، ولكن لا يزال هناك الكثير من التقاليد والضغوط الاجتماعية التي تحول دون تطورها. حياة المرأة مقرونة بكلمتي “ممنوع” او “عيب”، وهي تعاني من النقد، وليس لديها الحرية لتحقيق أحلامها. بعض النساء يستسلمن، وبعضهن يدفعن ثمن الحرية. أنا شخصيا تلقيت الكثير من الانتقادات، للأسف أيضا من النساء. أعرف نساء ذوات شخصيات قوية، ولكن بما أنهن لا يعملن، فإنهن ممنوعات من تحقيق أحلامهن، ولا تحظين بتقدير الأسرة. بكل اسف هذا هو الواقع ويخجلون من الحديث عنه.
طيارة: هل لديك اي اقتراح تقدمينه للنساء؟
غانم: أقترح أن تنضم النساء إلى سوق العمل، وأن يبدأن في تعلم قول “لا”، لأنه هذا الامر مهم جدا. بادئ ذي بدء، اذهبي إلى العمل، وتعرفي على ثقافات أخرى، ثم افتحي الطريق امامك لتحقيق أحلامك، أو على الأقل بعضها.