المؤتمر العامّ السنوي الذي تنظّمه نقابة معًا، والذي عقد في 15 حزيران في مدرسة الفنون “منشار” في تل أبيب، سجل تقدما ملموسا في تنظّيم اللجان العمالية في صفوف النقابة في سنة 13-2012 والتنوّع الجغرافيّ والقوميّ للمتنظّمين فيها، دون فوارق في الدين والأصل والقوميّة والجنس.
شارك في المؤتمر 70 من أصل 81 الممثّلين الذين انتُخبوا في أماكن العمل المنظّمة في “معًا”، والناشطون في فروع النقابة بما فيهم العاملين في كليات الفنون “مصرارة” و”المسرح البصريّ” وَ”منشار” وجمعيّة الخدمات الاجتماعيّة (مركز الموسيقى) في روش هعاين؛ والكلّيّة التكنولوجيّة “سپير” (سدروت)؛ وممثّلي مصنع “جانا” لإنتاج المشروبات (نتسرات عليت)، وليڤي للصناعات المعدنيّة والخشبيّة (ميشور أدوميم). كما وشارك أيضًا ممثّلو عمّال سلطة الآثار (شرقي القدس) الذين تمكنت نقابة “معًا” من خلال معركة قانونية من تشغيلهم المباشر بدل التشغيل عن طريق شركة القوى البشرية. اضافة لذلك كان هناك وفدا من عاملات الزراعة العربيّات (من منطقة المثلّث) اللواتي يعملن في إطار مشروع النساء التابع لنقابة “معًا” وناشطون ومتطوعون في فروع معا المختلفة.
في السنة الأخيرة، ركّزت “معًا” نشاطها في تنظيم لجان عمّال والتوقيع على اتّفاقيّات جماعيّة. تمّ في “مصرارة” وفي كلية المسرح البصريّ التوقيع على اتّفاقيّة جماعيّة، وهناك تقدّم ملحوظ قبيل التوقيع على مثل هذه الاتّفاقيّة في كلية “منشار” وفي مصنع “جانا”. اما في مصنع “ليڤي للصناعات المعدنيّة والخشبيّة” كما في جمعيّة الخدمات الاجتماعيّة في روش هعاين ما زالت النقابة تواجه العراقيل في الطريق الى بداية المفاوضات الجماعيّة. اضافة لذلك تقف النقابة في المراحل الأولى من التنظّم في كلّيّة “سپير” وكلّيّة “تل حاي”.
من الجدير بذكره إنجاز آخر في هذا السياق، وهو قرار حكم محكمة العمل القطريّة في مسألة واجب سلطة الآثار لاستيعاب 21 عاملاً منظّمين في “معًا”، وتفعيل البند “12 أ” من قانون شركات القوى البشريّة. قرار الحكم الذي شكّل سابقة سيساعد كلّ عامل يعمل عن طريق شركة قوى بشريّة لمدّة طويلة في شركة حكوميّة أو خاصّة، علما بانه بعد القرار تمّ استيعاب العاملين الـ 21 في سلطة الآثار، ومجموعة أخرى من شرقي القدس التي تمثّلها “معًا” تنتظر تطبيق قرار الحكم.
بشائر تغيير تلوّح في المنطقة
بعد ترحيب أسماء إغباريّة زحالقة بالحضور باسم حزب دعم، تحدّث مدير عامّ “معًا” أساف أديب، الذي قال: “يشكّل المؤتمر العامّ هذه السنة نقطة تحوّل، لأنّنا نشهد بشائر تغيير وثورات تزعزع النظام القديم في المنطقة مطالبة بالديمقراطيّة والعدالة الاجتماعيّة. ما يميّز المجتمعين هنا هو إيمانهم بالقدرة على إحداث تغيير جذريّ والتواصل مع أشقّائنا في إسطنبول ودمشق والقاهرة ورام الله، وأن نكون جزءًا من المنطقة المتبلورة.”
وضّح أديب أنّ السياسة الاقتصاديّة التي تنتهجها الحكومة الاسرائيلية اليمينيّة التي ترافقها سياسة رافضة للسلام، تمسّ بالعمّال من جانبَي الخطّ الأخضر. “المزيد من العمّال في إسرائيل يعانون من البطالة، أو يضطرّون للعمل ساعات طويلة بدون أمان تشغيليّ. من أجل تغيير هذا الواقع هناك حاجة لنقابة عمالية مناضلة”، قال أديب. “تطرح “معًا” بديلاً لسياسة الهستدروت، التي تتعاون مع سياسة الخصخصة والمستوطنات التي تنتهجها حكومة اليمين. عندما تختارون التنظّم في “معًا”، فإنّكم تختارون رسالة واضحة والتزامًا اجتماعيًّا عميقًا. لا تَعِد “معًا” بأجر متتابع ومدفوعات للتقاعد وتقدّم في العمل مع الأقدميّة فحسب، بل تشكّل قيمة مضافة من النضال من أجل تغيير سلّم الأولويّات الاجتماعيّ ودعم السلام والتضامن بين العمّال”.
ندوة نقاش لممثّلي العمّال
بعد عرض فيلم للمخرج نداڤ هرئيل الذي يدعو إلى التنظّم، جرت ندوة نقاش لممثّلي عمّال تحدّثوا عن نضالاتهم، واتّضح في هذه الندوة أنّ الأمور المشتركة بين معلّم الموسيقى من إسرائيل وعامل من مصنع خشب من الأراضي الفلسطينيّة أكبر من الأمور التي قد تفرّق بينهم. أدار الندوة نير نادر، مركّز “معًا” في تل أبيب.
عيديت كريمولوڤسكي شوبن، تحدّثت باسم معلّمي الموسيقى من روش هعاين: “الخوف من إفساد العلاقات التي نشأت بين مدير المركز والمعلّمين، والخوف من فصلنا من العمل، جعلنا نبقى في العمل رغم الشروط الصعبة: الفصل من العمل في شهر آب، والعمل الكثير بعد الساعات المدفوعة الأجر. لكن عندما رأينا أنّهم ينفقون الملايين على البناية الجديدة لمدرسة الموسيقى، وأنّهم غير مستعدّين للاستثمار في الموسيقيّين الذين يقدّمون تضحيات كبيرة، قرّرنا التنظّم، ونجحنا خلال أسبوعين في تنظيم 30 معلّمًا في “معًا”. أرسلنا رسالة إلى المدير ولم نتلقَّ أيّ ردّ رسميّ بأنّه على استعداد للشروع بمفاوضات معنا. البدايات صعبة دائمًا، لكنّنا واثقون بأنّنا سنتوصّل إلى التوقيع على اتّفاقيّة مع الإدارة”.
مهيب أبو رحمة من مصنع ليڤي للصناعات المعدنيّة والخشبيّة في ميشور أدوميم، تحدّث عن شروط العمل الصعبة وغير الآمنة في المصنع، وعن الأجر الضئيل (90-100 شيقل في اليوم)، وعن عدم استعداد صاحب المصنع للتفاوض، وعن محاولاته لإقناع العمّال بترك “معًا” والتوصّل إلى اتّفاق مباشر معه، وذلك كي يقوّض التنظّم.
تامي فاربر، عاملة اجتماعيّة كانت مرشّحة لرئاسة اتّحاد العاملين الاجتماعيّين على رأس قائمة “نضال العاملين الاجتماعيّين” من أجل التغيير الديمقراطيّ في الاتّحاد قالت: “رغم أنّنا منظّمات في الهستدروت (في اطار نقابة العاملين الاجتماعيين) لا أحد يرعى مصالحنا. بعد خيبة الأمل التي أصابتنا نتيجة فشل اضراب النقابة عام 2011 والاتّفاقيّة التي فرضتها النقابة وإدارة الهستدروت علينا، قرّزنا عدم العودة إلى الوراء. في أعقاب الإضراب بدأت عمليّة لا عودة منها ونحن نواصل نضالنا. إنّني أحيّي “معًا”، التي تنظّم كلّ من لا تعتبره المؤسّسة السلطويّة، وترى في مدّ يد العون له رسالة قيّمة. المساواة والعدالة والسلام هي قيم يجب على المنظّمات العمّاليّة تبنّيها، لأنّنا لا نتحدّث عن رواتب فقط، وإنّما عن صورة المجتمع الذي نعيش فيه.”
أييلت بخار، ممثّلة لجنة عمّال “منشار”، وضّحت لماذا قرّر المعلّمون التنظّم: “الحراك الاحتجاجيّ أحدث تغييرًا معيّنًا، لأنّنا بدأنا باعتبار أنفسنا مجموعة وليس أفرادًا متفرّقين كلّ فرد يتوصّل إلى تسوية شخصيّة مع المشغّل. كان هناك أمر غامض في علاقات العمل ورغبنا في تنظيمه، هل نحن مقاولون أم عمّال؟ هل يمكننا أن نكون مخلصين لعملنا ولطلاّبنا بعد الساعات التي نتقاضى أجرًا مقابلها؟ في الحوار الذي أجريناه مع المدير، بدأت تنشأ علاقات جديدة. الاتّفاقيّة ستعزّز التزامنا لمكان العمل وللطلاّب، وستخلق جوًّا من الاحترام المتبادل”.
أجمل الندوة داني بن سمحون، مركّز “معًا” في الشمال، تلاه بالترحيب نياز قدادحة من لجنة عمّال كسارة “سلعيت” الذي قال: “إنّني أتوجّه إلى زملائي الفلسطينيّين الجدد المنظّمين في “معًا”، بدون تضامن وبدون تصميم وبدون ثقة بنقابة “معًا” لن تحقّقوا شيئًا. كانت قوّتنا في وحدتنا مع “معًا”. بدون دعم “معًا” لم يكن باستطاعتنا تحقيق ما حقّقناه. أشعر في “معًا” كأنّني فرد في عائلة. التعامل هنا هو مع أبناء بشر، وليس مع عمّال فقط. “معًا” تعني التضامن والعدالة والمساواة”. كما وقام بالترحيب سمير المغربيّ باسم عمّال مصنع الألومنيوم “كونستركشين” الذين قدّموا دعوى ضدّ المشغّل بمساندة “معًا”، ومرسيلو فيلبسكي من كلّيّة “سپير”.
تقديم التقارير وانتخاب المؤسّسات
قبيل ختام المؤتمر، قُدّمت تقارير من لجنة المراقبة والإدارة الماليّة، التي تمّت المصادقة عليها في تصويت الممثّلين. وفي النهاية جرت انتخابات لمؤسّسات “معًا”:
الادارة: نير نادر (مديراً) ومنير قعوار وعيدو مل ومنى ابو عصبة وتسيبورا فريدمان
لجنة المراقبة: أوريت سودري (مديرة) وتومر لاهڤ.
للّجنة القطريّة لمعا (المخوّلة بالإعلان عن نزاعات عمل والتوقيع على الاتّفاقيّات الجماعيّة): أساف أديب (مديرًا)، داني بن سمحون، إيرز ڤچنر، نير نادر، أسماء إغباريّة زحالقة، حنان زعبي، وفاء طيّارة، چستون تسڤي إيتسكوڤيتس، يوآڤ تمير.