عقدت لجنة الكنيست لشؤون العمال الأجانب يوم الثلاثاء، 26 أكتوبر، جلسة لمناقشة مسألة تصاريح دخول عمال البناء الفلسطينيين إلى إسرائيل. تجري المناقشة بالتوازي مع الإعلان عن إضافة 9000 تصريح جديد لعمال البناء.
وكانت رئيسة اللجنة، عضو الكنسيت ابتسام مراعنة (حزب العمل)، قد عقدت جلسة اولى في الموضوع في تاريخ 13/9. وتعتبر هذه الجلسة الثانية التي تخصص فيها اللجنة من وقتها لمسالة العمال الفلسطينيين ومعاناتهم، في الوقت التي تتدفق التقارير حول استمرار نشاط سماسرة التصاريح. في هذا المجال تبين من حيثيات الجلسة بان الجهات الحكومية المسؤولة تغض الطرف عن حالة الابتزاز وسرقة الحقوق المستمرة التي يعيشها العمال بسبب سماسرة التصاريح.
في بداية الاجتماع، أفادت ضابطتان من الإدارة المدنية ومكتب المنسق بأن لديهما بشرى سارة جدًا للجنة وهي بداية العمل بتطبيق على الهاتف الذي يسمح بالاتصال المباشر بين العمال والمقاولين. حسب اقوال مندوبتان الادارة المدنية في الجلسة، هناك 10 ألف عامل فلسطيني الذين سجلوا اسماءهم في التطبيق كطالبي عمل وانه بموجب التطبيق الجديد سيكون من الممكن ان يلتف العمال على سماسرة التصاريح ويفتحون خطًا مباشرًا مع المشغل الذي بدوره سيتمكّن من الاتصال بالعامل والاتفاق معه على بدء العمل دون وسيط او طرف ثالث. كما أخبرت مندوبتا الادارة المدنية بانه قريبًا ستبدأ حملة دعائية في اللغة العربية كي يعرف الجميع بانه هناك فرصة للتسجيل للعمل دون مشاكل ودون دفع الرشوة للسماسرة.
هذه المعلومة حول التطبيق الجديد فاجأت ممثلي المنظمات الناشطة في الميدان، إذ حضر خمسة مندوبين لمنظمات اهلية وعمالية الجلسة وجميعهم قالوا بانهم لم يسمعوا لا من قريب ولا من بعيد عن التطبيق وان العمال لا يعرفون شيئا عنه. مندوبون عن جمعية عنوان للعامل وجمعية حقوق المواطن ومعا – نقابة عمالية والهستدروت العامة والهستدروت اللئوميت أوضحوا كل واحد بطريقته الخاصة بأنهم يشكّون بمصداقية الاعلان عن التطبيق الجديد وقدرته المعلنة عن تغيير قواعد اللعبة بكل ما يتعلق بطرق تشغيل العمال الفلسطينيين. مدير معا نقابة عمالية، اساف اديب، اكد في مداخلته بان النقابة تسمع من العمال في الشهور الاخيرة بانه بعد الإعلان عن الإصلاح بطريقة إصدار التصاريح في كانون اول 2020 أصبح المبلغ المطلوب من العمال لسماسرة التصاريح أعلى مما كان عليه سابقا ووصل الى 3500 شيقل بالشهر بدل 2500 شيقل.
ان التصدي لسماسرة التصاريح الذين يجبون الاف الشواقل من العمال يعتبر مسالة مصيرية ورغم ذلك كان النقاش في هذا الموضوع هامشي في جلسة اللجنة الاخيرة. كل من يفهم الواقع لا بد ان يدرك بانه دون وقف التجارة في التصاريح وملاحقة ومعاقبة السماسرة لا يمكن ان ننجح في تغيير الوضع. في هذا المجال تبين من مداخلات مندوبي الدوائر الحكومية بما فيها سلطة الضرائب وسلطة الهجرة ووزارة العدل بانه الموقف العام للمؤسسة الحاكمة الاسرائيلية من مسالة التجارة بالتصاريح يتراوح بين اللا مبالاة وبين الاستهتار وبانه ليست هناك اية نية باتخاذ موقف حاسم إزاء هذه القضية.
رغم عن ان بيع التصاريح للعمل يعتبر مخالفة للقانون ولأوامر ضريبة الدخل اذ يتم اخفاء مدخولات بقيمة مئات ملايين الشواقل التي تعتبر نقودًا سوداء تخفي عن سلطة الضريبة ليست هناك خطة مدروسة لمحاربة الظاهرةظ. مندوبة سلطة الهجرة تطرقت في كلامها الى اجراءات عقابية التي قد تتخذها السلطة في حالة وجدت ان احد المقاولين يتاجر بالتصاريح بدل تشغيل العمال الذين كان من المقرر ان يعملوا عنده وبانه في حالة من هذا النوع يتم الغاء حق المقاول بتشغيل عمال لمدة ثلاث سنوات.
من طرفها فندت المحامية ميخال تاجر من جمعية عنوان للعامل هذا الادعاء وذكرت بأنها حصلت على معلومات تدل بانه منذ عام 2018 تم إلغاء ترخيص لمقاول بناء واحد فقط بسبب المتاجرة في التصاريح مما يعني ان رغم الصلاحية لمعاقبة المقاولين تمتنع سلطة الهجرة من اتخاذ الاجراءات بحقهم وتخلق الانطباع بانه عملية البيع للتصاريح مقبولة على السلطات ولن تكون بسببها اية أضرار لمن يمارسها. كما قالت المحامية تاجر بانه هناك مكتب في معبر قلقيلية يبيع بشكل علني التصاريح ولا احد يلاحقه او يقدم اصحابه للمحاكمة.
مدير نقابة معًا اساف اديب قال في الجلسة ان اي اعلان عن بيع التصاريح من قبل شخص ما في منطقة السلطة الفلسطينية (انظروا الصورة للاعلانات التي يتم نشرها يوميا على موقع فيسبوك والتي تدل بان تجار التصاريح يشعرون بإطمئنان ولا يخشون من ملاحقة السلطات) يجب ان يكون من ورائه مقاول اسرائيلي الذي يتم اصدار التصريح باسمه ولذلك يجب ان تتم محاربة الظاهرة في الجانبين الاسرائيلي والفلسطيني في ان واحد. كما طالب مدير معا بالغاء الربط بين التصريح وبين موافقة صاحب العمل، وتبديله بمقياس واحد وهو حق العامل الفلسطيني في الدخول الى اسرائيل بموجب البطاقة الممغنطة التي يجب ان تسمح له الدخول بحرية والبحث عن العمل بشكل مستقل والانتقال من مقاول لمقاول دون قيود ودون ابتزاز مالي ورشوة.
وفي ختام الجلسة قالت عضو الكنيست مراعنة بانها تبادر الى تشكيل لجنة مشتركة من الوزارات والجهات الحكومية المعنية للتصدي لظاهرة سماسرة التصاريح والوسطاء – وهي فكرة جيدة. لكن يجب ان نلفت الانتباه الى ان لجنة العمال الاجانب ليست لها صلاحيات لفرض قراراتها ولذلك من المشكوك فيه أن تتحول الدعوة لتشكيل لجنة فعالة لمكافحة التجارة بالتصاريح لتطبق على ارض الواقع.
وخلاصة القول هي بأنه طالما يتمكن سماسرة التصاريح من التحرك والنشاط بحرية ودون ملاحقة الشرطة للجناة ودون تقديمهم الى القضاء ليست هناك فرصة لإحداث تغيير جذري في نظام التصاريح الظالم الذي يعاني منه العمال الفلسطينيون.