في المؤتمر الذي أقامته نقاية معاً في القدس الاثنين 1/6 تم الاستماع إلى شهادات مُبهرة لعمال وباحثين عن عمل فلسطينيي القدس والمناطق الصناعية في المستوطنات، والتي تدل على الواقع الصعب والمرير، ولكن أيضاً تدل على إمكانية النضال من أجل التغيير وتحقيق الحقوق.
حوالي 120 رجلاً وامرأة حضروا إلى مؤتمر “عمال وعاطلين عن العمل فلسطينيون في نضالٍ من أجل البقاء في القدس الشرقية والمستوطنات” والذي نظمته نقابة معاً العمالية في فندق النوتردام عند الخط الأخضر في القدس يوم الاثنين 1/6. برز من بين الحضور عشرات العمال الفلسطينيين من القدس الشرقية، عمال من مناطق السلطة الفلسطينية والذين يعملون في المنطقة الصناعية ميشور أدوميم، ومن بينهم عمال كراج تسرفاتي. مجموعة عمال سلطة الآثار من القدس الشرقية، عمال من المنطقة الصناعية نيتساتي شالوم، طولكرم، عاملات فعربيات في الزراعة، ونشطاء وأصدقاء نفابة معاً التي نظمت هذا المؤتمر. كان هذا اللقاء بمثابة استعراض هائل للحضور، والذي يثبت أكثر من أي شيء أن العمال الفلسطينيين في القدس الشرقية ومناطق المسنوطنات غير مستعدين للوقوف ساكتين أمام استغلالهم وأنهم على أتم الاستعداد للنضال من أحل حقوقهم وكرامتهم الانسانية.
عُقد المؤتمر بعد أيام قليلة من إحياء إسرائيل 48 سنة على “توحيد القدس”. إلا أنه وكما أشار عريف الأمسية ومدير فرع نقابة معاً في القدس الشرقية إيرز فاجنر، هذا التوحيد جلب فقط المعاناة والفقر والضيق على أكثر من 300 ألف فلسطيني من سكان القدس الشرقية والذين يعيشون تحت سلطة احتلال. معدلات الفقر العالية ومن ناحية أخرى انخفاض عدد الأسر الفلسطينية الحائزة على ضمان الدخل، تشير إلى أن هناك سياسة متعمدة لتهميش الفلسطينيين المقيمين في القدس من خلال وضع العراقيل في طريقهم، وتعميق حالة الفقر. وقال واغنر أن سكان السلطة الفلسطينية العاملين في مناطق المستوطنات يتعرضون للاستغلال ونظام قمع قاسٍ تحاول نقابة معاً التعامل معه.
برز في المؤتمر نشطاء ميدانيون وقيادات عمالية وكانت أحدى منهم رانيا صالح أبو دياب من سكان شرقي القدس، والتي كانت حتى وقت قريب فريق عمل في امرأة واحدة فقد تطوعت لمساعدة المتوجهين لمكتب العمل ومكاتب التأمين الوطني في عبور الطوابير الطويلة والماكينات المعطلة، الوقوف في الشمس وتحت المطر وفي وجه الرفض على الأبواب. أبو دياب والتي انضمت مؤخراً إلى طاقم نقابة معاُ في القدس الشرقية، قدمت عرضاً للانجازات التي حققتها نقابة معاً لطالبي المستحفات.
رئيس لجنة عمال كراج تسرفاتي حاتم أبو زيادة استُقبل بحفاوة من الجمهور الذي كان من بينه عشرات من زملائه من كراج تسرفاتي، والذين حضروا بعد يوم عمل طويل في ميشور أدوميم. أبو زيادة والذي قاد عملية التنظيم النقابي في كراج تسرفاتي ودفع ثمناً شخصياً غالياً تمثل في إفالته من العمل، قال “إن وضعي ووضع عائلتي لا يختلف عن وضع أي عائلة فلسطينية أخرى”. وقد تحدث عن ظروف العمل الصعبة وعن الأجر الغير قانوني، وكيف توجه باسم رفاقه عي العمل إلى المحامين وإلى الهستدروت، ولكن أحداً لم يساعدهم، حتى تعرف أخيراً على نقابة معاً من خلال صديق. تحدث أيضاً عن مسار عملية التنظم، كيف أنهم حين كانوا على وشك توقيع اتفاق جماعي، قرر تسرفاتي طرده وطرد “معاً” من الكراج، وعن إصراره على مواصلة النضال من أجل حقوق العمال الفلسطينيين في كراج تسرفاتي وفي كل منطقة ميشور أدوميم. وقد ختم حديثه بالطلب إلى عمال منطقة ميشور أدوميم وإلى العمال بشكل عام أن ينضموا إلى نقابة معاً.
عبد الكريم شريف، عامل من بين عمال سلطة الآثار، وصف الطريق الوعرالذي اجتازه مع رفاقه من عمال الحفريات في سلطة الآثار، وكيف انتقلوا من تشغيل مسيء عن طريق شركة للقوى العاملة التي كانت تطلبهم للعمل أياماُ معدودة في الشهر، مروراً بالفصل التعسفي، وصولاً إلى تقديم شكوى جماعية للعمال من خلال نقابة معاً وذلك بطلب التشغيل المباشر في سلطة الآثار وتحقيق سابقة الانتصار القضائي الذي تم خلاله قبول تشغيل 30 عاملا للعمل الدائم.
أحمد ألشايب من مصنع “ياميت – سينون” في المنطقة الصناعية نيتساني شالوم، تحدث عن ظروف عمل العمال في المنطقة المحاذية لطولكرم، والذي يصر أرباب العمل الإسرائيليين فيه على دفع أجور العمال حسب القانون الأردني من عام 1965. بسبب هذا الوضع كان أحمد الشايب شريكاً في الدعوى القضائية التي قُدمت ضد المصنع الذي عمل به، واليوم فإنه ينتظر الجلسة التي ستُعقد قريباً في محكمة العمل القطرية، والتي ستناقش وضع المنطقة القانوني.
اشترك في المؤتمر ممثليتن عن تنظيمات ونشطاء في مجال حقوق الانسان وحقوق العمال. يهوديت أوبنهايمر، رئيسة جمعية “عير عاميم”، والتي تدير مع نقابة معاً مشروعاً مشتركاً في أحياء القدس الواقعة خلف الجدار، أوضحت في حديثها أهمية الجانب الاقتصادي الاجتماعي في النضال من أجل منع تهجير وتهميش السكان الفلسطينيين من القدس: “ليست المستوطنات فقط والجدار والحواجز هي الوسيلة لإفراغ القدس من سكانها الفلسطينيين، ولكن الاستغلال أيضاً وظروف العمل الصعبة”، كما قالت. المحامية موران سافوراي من مكتب بني كوهين للمحامين، والتي بالتعاون مع أمير باشا تمثل عمال كراج تسرفاتي ونقابة معاً، أكدت على أهمية قرار محكمة العمل المركزية للاعتراف بمكانة ودور نقابة معاً، وقد أبرزت الوقفة الشجاعة لحاتم أبو زيادة التي تخلق احتمالا لإعادته إلى العمل وخلق واقع لتنظيم العمال واتفاق جماعي للمرة الأولى في ميشور أدوميم.
موسي راز، رئيس منتدى منظمات السلام، تحدث عن الواقع الغريب لغياب رقابة وإدارة قانونية وقضائية في مناطق المستوطنات والذي يسمح باستعلال القوة الفلسطينية العاملة قليلة الأجر. نير حسون، صحافي من جريدة “هآرتس” أوضح الأسباب الاقتصادية والاجتماعية التي أدت إلى نشوب الانتفاضة في القدس قبل حوالي سنة. حسون أوضح أنه خلافاً لما نعتقد، ليست القدس الشرقية فقط بحاجة إلى مساعدة القسم الغربي ولكن العكس أيضاً هو الصحيح. وقال أيضاً أنه على الرغم من الصورة القاسية للفصل والقمع والعنصرية لا وجود للضعف واليأس في القدس الشرقية، والازدهار الثقافي بارز، وهنالك ما لا يُحصى من الجمعبات والمبادرات الاقتصادية.
آخر المتحدثين كان مدير “معاً” أساف أديب الذي قال: “نحن في نقابة العمال معاً نؤمن أنه ممنوع علينا أن نكون ما بشبه شركة تأمين والتي تهتم بأعضائها فقط. لدينا مهمة أخرى، وهي تثقيف جمهور العاملين في إسرائيل لأن يكونوا متضامنين وأن يرفضوا العنصرية والتمييز من كل نوع. نحن نبني تنظيماً للعمال الغير مستهترين بمعاناة الأخر. تنظيم الذي يناضل لكسر الجدران والأفكار المسبقة. لنقابة معاً دور ريادي في مناطق المستوطنات التي لم بعمل فيها أي نقابة إسرائيلية حتى الآن. نحن نعمل بالمشاركة مع حركات وتنظيمات تضع حقوق الانسان في سلم أولوياتها وحقوق العمال والمواطنين، وندفع قدماً بالمشاركة الواسعة لكل الشركاء في غاية تحقيق السلام الحقيقي مع الشعب الفلسطيني. سلاماً يكون مؤسساً على التغيير من الأسفل، ولا يكتفي يترتيبات تجميلية للظاهر مثل ذالك الذي تم انجازه قبل أكثر من 20 سنة في أوسلو”
عامل من أحد الكراجات في ميشور أدوميم والمعروف عنه بأنه يعرف الوضع بشكب جيد بعد أن أمضى 15 سنه في العمل في مصانع المنطقة المختلفة، اختتم المؤتمر يدعوة العمال للتنظم في نقابة معاً وللوقوف صفاً واحداً في المطالبة بحقوقهم.