وتأتي هذه الخطوات في إطار خطة لوزارة السياحة تهدف إلى استبدال العمّال الفلسطينيين بعمّال أجانب، استناداً إلى قرار الحكومة رقم 1752 الصادر بتاريخ 15.5.2024، الذي حدد سقفاً إجمالياً قدره 330 ألف عامل أجنبي في سوق العمل الإسرائيلي (مقارنةً ب-110 الف عامل – اغلبهم في فرع التمريض – قبل الحرب).
عدد من العمّال الفلسطينيين الذين يعملون في فنادق تابعة لشركة “فتال” توجّهوا إلى معـاً في محاولة لإلغاء هذا الإجراء الجائر. ووفقاً لرسائل الاستدعاء التي تلقّوها لجلسات استماع تمهيدية للفصل، والتي وصلتهم في مطلع تموز/يوليو 2025، بقي سبب الفصل غامضاً. وقد فوجئ العمّال حين قرأوا في الاستدعاء أنّ المبرر ليس تقليص حجم العمل أو وجود شكاوى شخصية ضدهم، بل أنّ السلطات تعتزم قريباً إلغاء تصاريح دخولهم إلى إسرائيل.
وأفاد العمّال أيضاً أنّه بالتوازي مع نية فصلهم، تقوم فنادق البحر الميت باستقدام عمّال مهاجرين من سريلانكا، والذين ـ بحسب فهمهم ـ من المقرر أن يحلّوا محل العمّال الفلسطينيين. ويُذكر أنّ فنادق البحر الميت شغلت العمّال الفلسطينيين بشكل متواصل منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، رغم الاغلاق الذي تم فرضه على اغلبية العمال الفلسطينيين وانه الكثير من هؤلاء العمال يعملون في هذه الفنادق منذ سنوات طويلة، بما في ذلك سنوات جائحة كورونا.
في ضوء هذه المعلومات المقلقة، وجّه المدير العام لـ معـاً، في منتصف تموز/يوليو، رسالة إلى شركة “فتال” طالبها بتوضيح الأسباب وراء فصل هؤلاء العمّال، والذي يبدو ـ في الظاهر أنه يفتقر لأي أساس موضوعي أو قانوني. وفي رد وصل إلى معـاً في مطلع آب/أغسطس، كتب محامي شركة فتال، ميخائيل أيالون من مكتب غورنيتسكي وشركاه، أنّ الأمر في جوهره يعود الى تعليمات وزارة السياحة وان “فتال” تقوم بتنفيذ السياسة حكومية التي تُلزم الشركة باتباعها.
وأرفق المحامي أيالون مع رده وثائق تتضمن تعليمات وزارة السياحة للفنادق، والتي توجّهها للعمل على مرحلتين، بحيث يُطلب في نهاية العملية وقف تشغيل العمّال الفلسطينيين نهائياً في الفنادق.
وتنص وثيقة تعليمات وزارة السياحة، المؤرخة في 24.7.2025، على ما يلي:
“تخصيص تصاريح تشغيل العمّال الأجانب يهدف لاستبدال حصص تشغيل العمّال الفلسطينيين… ومع وصول العمّال الأجانب الى اسرائيل لن تسمح وزارة السياحة بتخصيص التصاريح لتشغيل العمّال الفلسطينيين في قطاع الفنادق.”
معنى هذه التعليمات واضح: آلاف العائلات الفلسطينية الإضافية ستُدفع نحو حالة من الفقر المدقع والضياع في الوقت الذي ستجني فيه شركات القوى العاملة أرباحاً بآلاف الدولارات من كل عامل أجنبي يصل إلى إسرائيل.
إنّ هذه الخطوة المطبقة حالياً في قطاع الفنادق ليست سوى استمرار مباشر لقرار الحكومة في أيار/مايو 2024 بزيادة عدد العمّال الأجانب بشكل كبير ووقف تشغيل العمّال الفلسطينيين نهائياً. وإلى جانب الضرر المباشر الذي يلحق بالعمّال أنفسهم، فإنّ دخول عشرات، بل مئات آلاف العمّال المهاجرين إلى إسرائيل سيؤدي إلى إضعاف مكانة وأجور العمّال الإسرائيليين.
وقد علّق البروفيسور تسفي أكشتاين، الذي ترأس اللجنة المكلّفة بتنظيم تشغيل العمّال الفلسطينيين حين كان يشغل منصب نائب محافظ بنك إسرائيل، ويشغل اليوم منصب عميد كلية الاقتصاد في جامعة رايخمان، على هذه السياسة في مقابلة، قائلاً : “النقاش في الحكومة سطحي. إنه نقاش يجريه أشخاص يفتقرون إلى المعرفة حول كيفية إدخال العمّال الفلسطينيين إلى إسرائيل دون المساس بالأمن.” وفي مؤتمر عُقد في أيار/مايو 2024، فور تبنّي قرار الحكومة، أضاف البروفيسور أكشتاين أنّه، برأيه، فإنّ نية جلب 330 ألف عامل أجنبي إلى سوق العمل ستؤدي إلى خفض الأجور وتقليص استخدام التكنولوجيا في كافة القطاعات التي سيعملون فيها، مثل البناء والزراعة. كما أنّ تكلفتهم ستكون منخفضة إلى درجة أنّه لن يكون من المجدي تعليمهم العمل على هذه الأنظمة، وهو أمر سيضر بالنمو الاقتصادي.
معـاً – نقابة عمّالية ترى في قرار الحكومة بمنع دخول العمّال الفلسطينيين إلى إسرائيل منذ تشرين الأول/أكتوبر 2023 خطوة خاطئة ومدمّرة، تضر بالعمّال وبالاقتصاد الإسرائيلي على حد سواء. على المدى البعيد، نرى بانها سياسة خاطئة تتخذها الحكومة اليمينية المتطرفة بهدف وقف اية فرصة للحياة المشتركة بين الشعبين اللذان يعيشان هذه البلاد.
للاطلاع على مزيد من المعلومات حول الموضوع وتداعياته طويلة الأمد، راجع مقالات ومستندات اخرى نشرتها نقابة معًا خلال 22 شهر من الحرب https://wac-maan.org.il/category/palestinian-workers-ar/




