يعاني سكان القدس الشرقية من التمييز والإهمال الشديدين بما يتعلق في البنية التحتية والخدمات وقد وصلت معدلات الفقر بين سكان القدس الفلسطينيين في العقد الماضي إلى 80%. على هذه الخلفية جاءت الخطة الخماسية لتطوير القدس الشرقية من عام 2018 بمثابة نقطة ضوء في الظلام. وكانت الخطة التي استثمرت لاول مرة بسكان القدس الشرقية الى تحسين مستوى الخدمات مما شكل بصيص من الامل لتحسن الاوضاع في صفوف السكان المحليين بعد سنوات طويلة من القمع والاهمال. ولكن على خلفية الحرب والتخفيضات في الميزانية للخطة التي تساهم بشرقي القدس يبدو أننا نغرق في أزمة غير مسبوقة.
كانت الخطة الخماسية للقدس الشرقية التي أطلقتها الحكومة في عام 2018 بمثابة خطوة رائدة. وكانت هذه أول خطة تستهدف القدس الشرقية منذ ضمها عام 1967، والمرة الأولى التي تعلن فيها الحكومة عن نيتها تقليص الفجوات الاجتماعية والاقتصادية بين القدس الشرقية والغربية. وعلى وجه الخصوص، تم تصميم برامج تهدف الى تعزيز توظيف النساء، حيث تشارك نسبة 21٪ فقط منهن في سوق العمل (القصد هو للنساء في سن العمل 15+).
نتيجة لتنفيذ الخطة في السنوات الاخيرة تم تسجيل تحسن في مجالات مهمة: ارتفاع ملحوظ في عدد الطلاب الفلسطينيين في الجامعة العبرية والكليات المختلفة غربي القدس؛ تشجيع بناء المدارس ورياض الأطفال وغيرها. لكن ومع ذلك بقيت الاحياء العربية في القدس مهملة وفقيرة بحيث من الممكن إعتبار الخطة الخماسية فقط كبداية لعملية تصحيح طويلة.
لكن مع تنصيب الحكومة اليمينية المتطرفة في يناير/كانون الثاني 2023، أصبح تجديد الخطة الخماسية موضع تساؤل. ورغم إقرار خطة ثانية في اب / أغسطس 2023، إلا أن تنفيذها ونقل الميزانيات عانى من التأجيل المتكرر.
والآن، على خلفية الحرب، تتعرض الخطة لضربة أخرى على خلفية قرار الحكومة القاضي بخفض ميزانيتها بنسبة 14%. علاوة على ذلك، أدى تجميد الميزانيات وعدم الوضوح بخصوص مستقبل الخطة إلى إستقالة سبعة من المدراء والباحثين القائمين على الخطة الذين كانوا يعملون في مديرية المشروع. استقالة هؤلاء في الأسبوع الأول من شهر مارس ستسبب أضرارُا جسيمة للخطة حتى اذا كان هناك استعداد في وقت ما لاعادتهم الى منصبهم.
مكتب نقابة معًا يواصل عمله في القدس دون توقف رغم الحرب وتداعياتها
منذ اندلاع الحرب يتعامل مكتب نقابة معًا في القدس مع مناشدات ومتطلبات سكان القدس الشرقية. من المشاكل التي نساعد العمال والعاملان بخصوصها ارتفاع نسبة البطالة بسبب اغلاق اماكن العمل او تقليص نشاطها والصعوبات في تحصيل الحقوق مثل مخصصات البطالة وكذلك عمليات الفصل لاسباب عنصرية وامتناع اصحاب العمل من تشغيل العمال العرب.
ويضاف إلى ذلك امتناع بعض العمال من الوصول إلى عملهم بسبب القلق على سلامتهم الشخصية، وصعوبة الوصول إلى العمل بسبب القيود على حرية التنقل التي تفرضها الشرطة والإغلاق التعسفي للمعابر بين الأحياء الواقعة خلف الجدار وبين مركز المدينة.
يتبين من بيانات المسجلين للبحث عن عمل في مكتب العمل، بالإضافة إلى الكتاب السنوي الأخير للقدس، بانه هناك ارتفاع في نسبة البطالة في القدس الشرقية نتيجة الحرب. في عام 2022، بلغت القوى العاملة الفلسطينية في المدينة 96,200 شخص (منهم 73,600 رجل و22,600 امرأة). ومنذ اندلاع الحرب، كان هناك ارتفاع بعدد العاطلين عن العمل الذين ازداد عددهم ب 7,338 عاملاً وعاملاً (1,442 امرأة و5,896 رجلاً). مما يعني ارتفاع البطالة بنسبة 7.6% من القوة العاملة الفلسطينية في القدس. هذا مقارنة بارتفاع بالنسبة 4% في القدس الغربية. إن مثل هذا الارتفاع بالنسبة البطالة من شأنه ان يؤدي إلى تفاقم الضائقة الاقتصادية والاجتماعية والأمنية في القدس لسنوات قادمة.
عشية شهر رمضان نحن نرى بانه بدلاً من أن تمتلئ المدينة بالبهجة والسرور وبدلا من تعزيز الشهر الكريم النشاط الاقتصادي في القدس، تبرز الأزمة الاقتصادية في حدتها ويبدو اننا سنواجه مستقبل أكثر سواداً من أي وقت مضى.
معاً – نقابة عمالية التي تدير مكتبها في القدس منذ عام 2000 تقوم من خلاله بمساعدة السكان لتحصيل حقوقهم. ويساعد نشطاء معاً آلاف السكان – مع التركيز على النساء المقيمات في القدس الشرقية – على التعامل مع الصعوبات البيروقراطية وتحصييل حقوقهن من مكتب العمل ومؤسسة التأمين الوطني وكذلك ضد أصحاب العمل الذين ينتهكون القانون. بالإضافة إلى ذلك، يشارك مكتب معاً في مشاريع النهوض بالمرأة، وتعلم اللغة العبرية ونقل المهارات اللازمة للاندماج في سوق العمل للنساء من القدس الشرقية.
نشطاء معًا، إلى جانب منظمات أخرى مثل “كلنا” ومركز “روسينج”، شاركوا في مركز المساعدات الطارئة الذي تم فتحه في القدس الشرقية في شهر أكتوبر لمواجهة حالة الطوارئ حيث تم تقديم المساعدات للسكان المحتاجين في الحفاظ على وظائفهم داخل المدينة، ومساعدة العائلات المحتاجة في الحصول على الضروريات الأساسية والحصول على البطاقات الضرورية للحصول على قسائم الطعام الحكومية، وخدمات اخرى.
من أجل منع تفاقم الأزمة الاقتصادية، يجب على بلدية القدس التصرف بمسؤولية وبسرعة: زيادة فرص العمل لسكان القدس الشرقية، منع التمييز والاضطهاد ضد السكان الفلسطينيين في المدينة، والعمل على إيجاد حل دائم يسمح بحرية الحركة بين الأحياء الواقعة خلف السياج إلى القدس، والنضال من أجل تحويل جميع الأموال التي وعدت بها الخطة الخماسية لبرامج تحسين الوضع الاجتماعي والاقتصادي في الاحياء العربية في القدس.