تدمير غزّة وقتل مواطنيها لن يحقّق السلام للإسرائيليّين
التصعيد العسكريّ في غزّة الذي يتخلّله تدمير المنازل وقتل المواطنين، والردّ عليه بالصواريخ التي تشوّش حياة أعداد كبيرة من الإسرائيليّين هو نتيجة مباشرة للسياسة الرافضة للسلام وغطرسة حكومة نتنياهو وبنيت وليببرمان. إنّ محاولة نتنياهو تحقيق الاستسلام الفلسطينيّ عن طريق تفجير أهداف مدنيّة هي محاولة حمقاء ومغامرة سوف تؤدّي إلى كارثة حتميّة. الجولة الحربيّة الحاليّة هي الثالثة خلال خمس سنوات، ومن الواضح الآن أنّها ستنتهي بالجانبين إلى النقطة التي كانا فيها بالضبط في كانون الأوّل 2008 وتشرين الثاني 2012. بعد نهاية الجولتين السابقتين عاد كلّ من إسرائيل وحماس إلى مكانه بعد أن تكبّد الجانب الفلسطينيّ آلاف القتلى والجرحى والدمار الهائل، وبقي الجانب الإسرائيليّ معرّضًا للصواريخ بنطاق آخذ في الازدياد يشوّش حياة الملايين. لا أحد يوهم نفسه بأنّ للحرب الحاليّة ستكون نهاية مغايرة.
نقابة العمّال “معًا” التي تنظّم في صفوفها عمّالاً يهودًا وعربًا في إسرائيل تدعو إلى وقف فوريّ لإطلاق النار وإلى الشروع بمفاوضات لتحقيق السلام بين إسرائيل وقيادة فلسطينيّة منتخَبة، يستند إلى انسحاب إسرائيليّ لحدود 1967 وإقامة دولة فلسطينيّة مستقلّة.
قامت حكومة نتنياهو في آذار الماضي بوقف المفاوضات التي جرت تحت رعاية الولايات المتّحدة وأعلنت أنّه يجب حلّ حكومة الوحدة الفلسطينيّة التي أقيمت بدعم من حماس- هذه الخطوة التي تشمل تدخّلاً سافرًا في الشأن الداخليّ الفلسطينيّ. عندما أدّى الجمود السياسيّ وعدم تنفيذ المرحلة الرابعة من تحرير الأسرى إلى خطف الشبّان الإسرائيليّين الثلاثة في شهر حزيران، أعلن نتنياهو عن حرب شعواء على حماس وعلى حكومة الوحدة الفلسطينيّة ودعا إلى الانتقام.
موقف نتنياهو المتطرّف، بالإضافة إلى دعوات الوزراء في حكومته إلى القيام بأعمال انتقاميّة شجّع المتطرّفين اليهود في إسرائيل إلى القيام بالجريمة النكراء المتمثّلة بخطف الشابّ الفلسطينيّ في القدس- محمّد أبو خضير- وقتله حرقًا. حتّى بعد هذا القتل البشع الذي كان يمكن منعه، واصلت الحكومة الإسرائيليّة أيّامًا طويلة الإعلان عن عدم مسؤوليّتها عن هذه الجريمة، الأمر الذي أشعل الشارع الفلسطينيّ وأدّى إلى احتجاجات في القدس وفي البلدات العربيّة في إسرائيل أيضًا.
على ضوء التصعيد الذي شمل فصف جوّيّ على غزّة وإطلاق قذائف بدائيّة من جانب حماس ومنظّمات أخرى ضدّ أهداف مدنيّة إسرائيليّة، تعلو دعوة في البلاد وفي العالم إلى وقف إطلاق النار والعودة إلى طاولة المفاوضات. لكنّ نتنياهو أعلن أنّه لا ينوي التوصّل إلى وقف لإطلاق النار ويواصل تصعيد الأعمال العسكريّة آملاً أن تستسلم حماس وترفع الراية البيضاء. من أجل تحقيق استسلام حماس، يتبنّى الجيش الإسرائيليّ طرقًا تشمل تفجير البيوت الخاصّة لأفراد حماس- وهي خطوة يمكن اعتبارها جريمة حرب، ونشهد أنّها أدّت خلال ثلاثة أيّام إلى تسعين ضحيّة معظمهم من المواطنين العزّل والأطفال.
إنّ هذه السياسة هي سياسة مُغامِرة وغير مسؤولة. كلّ قطرة دم تسيل في هذه الحرب هي بمسؤوليّة الحكومة الإسرائيليّة.
تقف نقابة العمّال “معًا” إلى جانب جهات كثيرة في إسرائيل التي تدعو اليوم إلى وضع حدّ فوري للحرب وإلى التوصّل إلى اتّفاق لوقف إطلاق النار. البديل للحرب هو تسوية سياسيّة مبادئها معروفة وتستند إلى قرارات هيئة الأمم المتّحدة ومتّفق عليها في المجتمع الدوليّ كافّة.
إنّنا ندعو جميع مؤيّدي السلام وجميع أعضاء وداعمي “معًا” إلى الانضمام لمظاهرات واحتجاجات تنادي بوضع حدّ لهذه الحرب الشعواء التي يدفع ثمنها عمّال من الجانبين.
لا للحرب التي تهدف إلى تكريس الاحتلال! نعم للمفاوضات من أجل تحقيق السلام الذي يستند إلى حلّ الدولتين!