نساء عربيات تقول “يجب أن يبدأ التغيير من داخلنا”
“المرأة هي الضحية الأولى للعنف” كان هذا عنوان لقاء اشتركت فيه الكثيرات، والذي أقيم بمناسبة يوم المرأة العالمي في باقة الغربية. أقيم اللقاء بدعم من نقابة العمال “معًأ”، اللجنة النسائية في “معًأ”، والمجلس النسائي في باقة الغربية. في الواقع، فإن النساء الكثيرات اللواتي امتلأ بهن المركز الجماهيري المحلي في الثامن من آذار، لم يأتين لقضاء الوقت في احتفالية تسوّق وما شابه، ولكن لكي يتعاملن مع قضية العنف التي تؤذي المجتمع العربي والنساء خاصة، بشكل عميق. وفد نسائي من القدس الشرقية، تقوم “معًأ” بمساعدتهن مقابل السلوك القاسي الذي تنتهجه دائرة التشغيل والتأمين الوطني، نساء من جمعية “عرس الجليل” الأرثوذكسية من كفر كنا، نساء ناشطات من جمعية سنديانة الجليل للتجارة العادلة، أعضاء لجنة النساء في “معًأ” من منطقة المثلث وعاملات في الزراعة منظمات من خلال “معًأ”، أعضاء خزب دعم العمالي، أعضاء ومتطوعات المجلس النسائي في باقة الغربية. خارج القاعة تم وضع بسطات للأعمال اليدوية ومنتجات مشاريع تديرها نساء من باقة الغربية بمساعدة المجلس النسائي.
منصة المتحدثات لم تكن مثيرةً للإعجاب أقل من الحضور. إلى جانب عريفتي اللقاء، وفاء طيارة من “نقابة معًا” وفوزية كتانة من المجلس النسائي، ظهرن نساء لهن حضور وتأثير: رتيبة النتشة من القدس الشرقية، ناشطة في اتحاد العمل النسوي وحزب فدا الفلسطيني، فدوى مواسي رئيسة المجلي النسائي في باقة الغربية، راوية حندقلو محامية وناشطة نسوية، عبير غنايم مديرة مشروع “مدينة بلا عنف”، و د. تغريد يحيا يونس باحثة إجتماعية من جامعة تل أبيب. وأيضاً تحدثت نساء ناشطات: عبير مجادلة متطوعة في المجلس النسائي،عبير مواسي من لجنة النساء في “معًأ”،ورانية صالح مركزة ميدانية في مكتب “معًأ” في القدس الشرقية. المغنية الشعبية ماريا أبو واصل ألهبت الجماهير، والشاعرة الشابة منال بدران قرأت قصيدة حماسية ضد “الذكورية” والعنف.
وفاء طيارة عرّفت الإطار لصراع النساء ضد العنف: “العنف الذي يصيب النساء، يصيب الشباب أيضاً وكافة أبناء المجتمع” قالت وفاء “مجتمعنا مريض، وعلينا الإعتراف بذلك. إننا نناضل من أجل مجتمع متساوٍ، ديمقراطي وحديث، يحترم كل رجل وإمرأة، وتسوده حرية التعبير بدون رقابة. وهذا سبب دعمنا للربيع العربي، وبشكل خاص نضال الشعب السوري ضد الدكتاتورية،وهذا سبب رفضنا للاحتلال الإسرائيلي المفروض على فلسطين، ولذا فنحن ندعم النضال العربي اليهودي المشترك”. وقالت أيضاً: “إننا نناضل من أجل أماكن عمل للنساء لأن الإستقلال الإقتصادي هو مفتاح النضال للتغيير والعدالة الإجتماعية”.
رتيبة النتشة،رتيبة النتشة من إتحاد العمل النسوي في الضفة الغربية قالت إن قمع المرأة ليس نابع فقط من علاقة الرجال، وإنما من أن النساء يقبلن بالمنطق الذكوري. وقد هاجمت مفهوم “شرف المرأة” وروت كيف أن جنود الاحتلال يستغلون هذا المفهوم لاستفزاز الفلسطينيين ومعاقبتهم. تطرقت رتيبة النتشة إلى السقف الزجاجي للنساء الفلسطينيات،والتي صحيح بأنها تتيح لهن الوصول إلى وظائف بدرحات عالية وحتى أن يكن وزيرات ولكن فقط في المواضيع المتعلقة بالتعليم، الرفاه والصحة. تحدثت أنها في عملها تشجع النساء على الدخول إلى الساحة السياسية، وأن يقمن بتحدي احتكار الرجال لهذه الساحة.
فدوى مواسي رئيسة المجلس النسائي، تحدثت عن عدم المساواة كعنفٍ مخفي. “قرارات تحديد الموارد ما زالت في أيدي القيادة الذكورية، وعلينا الاكتفاء بالفتات الذي يرموه لنا”، وقالت: ” نحن نعيش الديمقراطية ولكن على أطرافها فقط” وأضافت “الرجال يخافون من قدراتنا، ولكننا نحن أيضاً أعداء أنفسنا”. مواسي ذكرت أنها كانت أول إمرأة في باقة الغربية تتصدر قائمة الانتخابات البلدية، ومن ثم صارت رئيسة المجلس النسائي في البلدة. “الحق يؤخذ ولا يعطى، قالت، نحن لا نحارب الرجال ولكن نطالب بأن نكون شركاء بشكل كامل ومتساويات”.
المحامية راوية حندقلو التي خاضت الإنتخابات البلدية في مدينة نتسيريت عيليت، تحدثت عن العنف الاقتصادي الذي لا يقل عن العنف الجسدي أو الكلامي. النساء العربيات أكثر تعلماً من الرجال، ولكن ما قيمة التعليم حين لا يوجد عمل؟ أرباب العمل الأكثر سوءً واستغلالاً هم أرباب عمل عرب يدفعون للنساء عشرة شواكل مقابل ساعة العمل. ما من رجل عربي مستعد للعمل بهذا الأجر، ولكن النساء تقبلن. وذكرت حندقلو أيضاً أن نساء كثيرات لا يتحكمن برواتبهن وأيضاً يتنازلن عن حقهن في الميراث، وبهذا يتسببن في إضعاف قوتهن الإقتصادية،الإجتماعية والسياسية.
عبير غنايم باحثة إجتماعية ومديرة مشروع “مدينة بلا عنف”، قالت أن مئة سنة بعد أن خرجت النساء إلى الشوارع من أجل حقوقهن، فإن العنف فقط يزداد. “أين نحن من النضال ضد العنف؟” سألت عبير، “ما نحن بفاعلات من أجل تغيير هذا الوضع؟ هل ننتظر الرجال ليقدمو لنا حقوقنا على طبق من فضّة؟ الحق يؤخذ ولا يُعطى، يجب على المرأة أن تعر بقوّتها، وأن لا تفكر ببيتها فقط وبالعائلة، ولكن بالمجتمع المحيط أيضاً، لأنه بغير ذلك لن يتغير شيء” هذا ما قالته عبير غنايم.
د. تغريد يحيا يونس تحدثت عن الأطر الدولية والمحلية التي يتطور العنف من خلالها. العنف في إسرائيل ينعكس في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني، وبالتعامل العنفي للدولة ضد المواطنين الفلسطينيين. “ولكن”، أضافت “أيضاً تقع علينا مسؤولية، لأنه لدينا تقليد من العنف واتهام الضحية، حتى أنه ينعكس في مضامين الشعر الشعبي، كالأغنية التي أنشدتها المغنية الشعبية ماريا أبو واصل، والتي تتقبل المرأة فيها العنف المجه ضدها”.” علينا أن نعطي مضامين جديدة لتراثنا، قالت يحيا يونس، مضامين تحمل ديمقراطية ومساواة، وأن نعطي معنى جديد للمفهوم الذكوري”.
ماريا أبو واصل التي صعدت إلى المنصة لتقديم وصلة إضافية إعترفت: “هذه أول مرة أواجه فيها هذه الفكرة، وهي صحيحة جداً”. وعلى سبيل المثال فقد غنّت عن إمرأة تحب من يؤذيها. “نحن نحب أغانينا قالت أبو واصل ولم ننتبه إلى أنها تمتدح العنف وتتسببن لنا بالمعاناة”.