مقدمة
قليل جداً ما كتب عن النساء الفلسطينيات في القدس الشرقية في سوق العمل. هذا التقرير وُلد من تعامل نقابة العمال معاً مع الفقر المزمن الذي يعاني منه السكان الفلسطينيون في هذا الجزء من المدينة، من خلال نظرة معمقة إلى الجانب الذي يمكنه أن يكون حلقة وصل منقذة بالنسبة لهم – التصاعد الكبير في توظيف النساء. إلى جانب وصف الحالة، التقرير يحتوي أيضاً حوارات مع نساء ناشطات في النقابة (لاحقاً – ناشرات للحقوق)، يتحدثن خلالها عن ظروف المعيشة الصعبة والعقبات أمام الوصول إلى الرفاه، وعن بحثهن عن حلول لأوضاعهن.
315,900 الفلسطينيين سكان وساكنات القدس الشرقية، يعيشون وسط صراع عنيف بدأ مع احتلال المدينة الشرقية سنة 1967 وضمّ أراضيها إلى إسرائيل. منذ ذلك الحين والمجتمع الفلسطيني في المدينة يعيش في واقع اجتماعي واقتصادي أشبه بالكارثة ويزداد سوءً. أحد التفاصيل المشلولة والمرتبطة بهذا الواقع تتعلق بحياة ومكانة النساء، المحكومات بالبطالة، الفقر وفقدان السيطرة في حياتهن.
أمام هذا الواقع، فإننا نجد أكثر فأكثر نساءً لا يتصالحن مع هذا الوضع، ويحاربن من أجل الاندماج في سوق العمل كوسيلة للسيطرة على حياتهن، لتحسين مكانتهن كنساء، ولإنقاذ عوائلهن من الفقر ومن اضطرارهن لترك المدينة.
(كل المعطيات والتفاصيل الواردة في هذا التقرير متعلقة بالقدس الشرقية، إلّا في حين ذُكر غير ذلك بشكل واضح)
القسم الأول: ضرورة دخول النساء من القدس الشرقية إلى سوق العمل
بالنسبة لغالبية سكان القدس الشرقية –رجالاً ونساء- خط الفقر هو حلم بعيد المنال. في سنة 2014 (التقرير الأخير المتوفر حالياً) متوسط الدخل ل 82% من سكان المدينة الشرقية يقف عند 44% تحت خط الفقر.[1] عائلة من 5 أفراد تقاضت ما معدله 5,159 شيكل شهرياً، في حين أن معدل الأجر لخط الفقر بالنسبة لعائلة من 5 أفراد في إسرائيل هو 9230 شيكل.[2]
هذا المعطى يعكس التدهور في حالة الفقر في القدس الشرقية والذي بدأ في العقد الماضي مع انتهاء بناء الجدار الفاصل. هذا التفاقم ومعه الارتفاع في تكاليف المعيشة في المدينة، خاصة قطاع السكن، أدى إلى هجرة سلبية كبيرة إلى الأحياء التابعة إدارياً للقدس ولكنها أُخرجت خارج الجدار الفاصل. صحيح أن أجور السكن هناك منخفضة، ولكن ظروف العيش سيئة لدرجة بالغة بشكل ملموس، وإمكانيات العمل محدودة على أقل تقدير.[3]
نسبة 89% من العائلات المقدسية تعتمد على أجر واحد والذي يساوي الحد الأدنى للأجور
بين السنوات 2008 ل 2014، (وتحديداً بين 2008 و 2009) قفزت حدّة الفقر للفرد بشكل ملموس – نسبة 65% من سكان القدس الفلسطينيين إلى نسبة 81.80%. ركيزة هذه القفزة في حدة الفقر – 23%- أصابت بشكل خاص عائلات متوسطة الدخل مكونة من خمسة أفراد ورب الأسرة عامل، من 66% إلى 89%.[4] نسبة هذه العائلات الفقيرة من بين كل العائلات في القدس الشرقية، وصل سنة 2014 إلى 57%.[5] هذه المعطيات تدلّ على شيء ما في طبيعة سوق العمل المؤذية حين يكون الحديث عن عمال فلسطينيين.
غالبية دخل الأسر في القدس الشرقية يتراوح حول الحد الأدنى لمعيل واحد للأسرة (الرجل في الغالب)، والذي يتم توظيفه في سوق عمل مسيء حيث الحد الأدنى للأجر هو في خانة التوصية فقط. في سنة 2011 متوسط الدخل لأسرة مكونة من خمسة أفراد تحت خط الفقر في القدس الشرقية وصل إلى 3826 شيكل. في السنة ذاتها ارتفع الحد الأدنى للأجر من 3850 شيكل إلى 4100 شيكل. الترابط بين مستوى الدخل للأسرة وبين الحد الأدنى للأجر هو أمر ثابت. عدا استثناء بين السنوات 2013 – 2014، حينها طرأ ارتفاع طفيف على متوسط الدخل للعائلة في القدس الشرقية ، حيث في سنة 2014 وصل متوسط الأجر لعائلة تحت خط الفقر إلى 5159 شيكل والحد الأدنى للأجر وصل إلى 4300 شيكل. ينتج عن ذلك أنه على الرغم من أن نسبة 89% من العائلات التي تعيش تحت خط الفقر لها معيل، وكونه معيل وحيد فإن ذلك يمنع الأسرة من الخروج عن خط الفقر.درأأأألألاااا
غائبات عن سوق العمل
رغم المشاركة الكبيرة للرجال في سوق العمل، يتبين غياب حاد للنساء عنه. حيث أنه في سنة 2014 من بين أعمار العمال المركزية 25-64[6]، 83% من الرجال (47،800) شاركوا في القوة العاملة و79% تم بالفعل توظيفهم (45،600)، في حين أنه بين النساء من هذا الجيل نسبة 18% فقط (10،900) شاركن في القوة العاملة و 17% تم بالفعل توظيفهم (10،000). من بين مجمل جيل العمل (15 سنة وما فوق) فقط 13% من النساء (13،040) شاركن في القوة العاملة ومن ضمنهم 11% فقط تم بالفعل توظيفهن (11،100)، في حين شارك 68% من الرجال (64،600) في القوة العاملة و63% تم بالفعل توظيفهم (60،200).[7]
الفجوة بين معدلات التوظيف العالية للرجال وتلك المتدنية للنساء ثابتة: هكذا بين السنوات 2012-2014 من مجمل جيل العمل (15 سنة وما فوق) فإن معدّل النساء العاملات فعلاً هو 12.24% ومعدّل الرجال يصل إلى 61.54%.[8]
إن دخول أعداد كبيرة من النساء إلى سوق العمل ستحسن بشكل ملحوظ في الحالة الاجتماعية والاقتصادية في القدس الشرقية، وحتى الآن، فإن ظروف سوق العمل ما زالت مسيئة للغاية، حيث أنه من دون تحسينها من ناحية الأجر والظروف، فإنها ستتيح في أحسن الحالات إخراج العائلات من الفقر المدقع ولكن ليس إخراجهم من تحت خط الفقر. ليس القصد من ذلك تثبيط عزائم المعنيين في الأمر ولكن التشديد على أنه إلى جانب هذه الخطوة المباركة هنالك حاجة إلى فتح مجال التوظيف بأجر منطقي وعادل أمام النساء (والرجال) بحيث يكون هذا الأجر أعلا من الحد الأدنى للأجور.
القسم الثاني: سوق العمل للنساء الفلسطينيات – صورة الوضع
ملاحظة – المعطيات التي أوردها مكتب الإحصاء المركزي فيه تفرَق بين مجمل المشاركات في سوق العمل ويشمل هذا الرقم كل من عمل ولو في وظيفة جزئية خلال السنة وبين النساء اللواتي “عملن في الواقع” والقصد هنا هو النساء اللواتي كن يعملن خلال فترة الإحصاء.
في سنة 2014، من بين 13040 امرأة فلسطينية (فوق جيل 15) مشاركة في القوة العاملة في مدينة القدس[9]، فقط نسبة 85% كن يعملن بشكل فعلي[10]. هذه النسبة المنخفضة للمشاركات في القوة العاملة استثنائية بشكل كبير. للمقارنة – في السنة ذاتها نسبة 62% من النساء اليهوديات في المدينة شاركن في القوة العاملة، وفقط 6% منهن لم يتم توظيفهن بشكل فعلي. من هن هؤلاء ال 15% اللواتي يتم حسابهن ضمن قوة العمل ولكنهن لا يعملن بشكل دائم؟ من تجربتنا يتم الحديث عن عاملات يتم توظيفهن بما هو دون الوظيفة الكاملة، ينتقلن من العمل عند صاحب عمل مسيء إلى آخر ولا يتمكنّ من الخروج من دائرة الحاجة إلى الاعتماد على مخصصات ضمان الدخل.
حتى من بين ال – 11،130 امرأة فلسطينية العاملات بشكل فعلي في السنة ذاتها، كانت نسبة 18% منها دون تصنيف حسب الفرع الاقتصادي[11] (فرع اقتصادي على سبيل المثال: الصحة والرعاية، التربية). هذه الحقيقة تعكس نقصاً في المعرفة، أو توظيفاً غير منتظم، موقت، بشكل عام من خلال مقاول. هذا المعطى بارز بالمقارنة مع حقيقة أنه بالنسبة ل 100% من اليهوديات العاملات في القدس الموظفات بشكل فعلي، نجد هناك تصنيفاً كهذا.
تحليل تصنيف الوظائف التي تعملن بها النساء في القدس الشرقية يشير إلى تصنيف كامل بنسبة 93.6% من العاملات: 43.8% تم توظيفهن في وظائف أكاديمية، 13.2% في وظائف هندسية، تقنية، أو يعملن كوكلاء ووظائف مرافقة، 6.4%موظفات وعاملات في المكاتب، 20.2% عاملات في المبيعات والخدمات، و 10% في وظائف غير تخصصية.[12]
المعطى الأخير، والذي يشير إلى أقلية النساء ال”غير متخصصات”، هو مثير جداً للاهتمام. هذا المعطى يدل على العدد الكبير لنساء لم ينهين التعليم للصف الثاني عشر اللواتي ومن هذه المجموعة فقط نسبة 2% من النساء يعملن. لو كانت الحكومة تقوم بواجبها بهذا الخصوص وكانت تعمل على فتح أماكن عمل للنساء وتوفير المواصلات العصرية كي تتمكن النساء من الوصول الى أماكن العمل، لكان من الممكن أن يكون هذا العدد الكبير من النساء والذي يشكل حوالي نصف النساء من جيل العمل الأساسي، المحرك الذي كان بإمكانه الآن وهنا أن ينتشل عائلات كثيرة من دائرة الفقر ومن الاعتماد على مخصصات التأمين الوطني. هذا الأمر هو مهمة واقعية لكنها تتطلب المجهود لمساعدة النساء في الانخراط في سوق العمل في عمل غير مهني في البداية وذلك كخطوة أولى لإشراكهن في سوق العمل.
عاملات شفافة في سوق عمل شفاف ومسيء
تصادف “معاً” بشكل شبه يومي حالات توظيف مسيئة ممنهجة ومؤسسة. على سبيل المثال في الفرع الرئيسي الذي تعمل به المقيمات في القدس الشرقية – فرع التعليم- يتم توظيف معلمات، معلمات رياض أطفال ومساعدات، الكثير منهن حاصلات على تعليم أكاديمي، فإننا نصادف – في المؤسسات الخاصة وفي المؤسسات “الرسمية الغير معترف بها” (وهذه غالبية مؤسسات التعليم في القدس الشرقية[13]) وحتى في المؤسسات العامة – ظاهرة خرق القوانين بشكل حاد، حيث يتم التوظيف من أجل التظاهر أمام السلطات أن التوظيف يتم حسب القانون، يتم دفع الحد الأدنى للأجور، ويفرضون على العاملات أن ترجعن للمُشغّل نصف الأجر نقداً، أو أن يقوم صاحب العمل بخصم “تكلفة المشغل” من الأجر وهكذا يكون الأجر بشكل فعلي هو نصف الحد الأدنى للأجور. كل شكوى في هذا الموضوع تؤدي إلى التهديد بالفصل من العمل. تجدر الإشارة إلى أن هذه الطريقة الفاسدة منتشرة أيضاً في تشغيل الرجال في القطاع الخاص في القدس الشرقية، وأيضاً في القطاع الخاص العربي داخل إسرائيل، ولكنها فاعلة بشكل أساسي ضد النساء.[14]
لأن العمل في التعليم يعتبر قمة الطموح لامرأة فلسطينية في القدس الشرقية، فإن العاملات لم يتقدمن بشكاوي خوفاً من فقدان عملهن.
ليس الحال أفضل بكثير في فرع التمريض. الأجور في هذا الفرع، كما في كل الدولة، هي ضمن الحد الأدنى للأجور، ولكن إحدى المشاكل الكبيرة في هذا الفرع هي الوظائف المنقوصة. صادفت “معاً” نساء كثيرات تم توظيفهن بوظائف أقل من 10 ساعات أسبوعية وليس باختيارهن، واضطررن للاكتفاء بأجر شهري قليل جداً. عاملات الرعاية يعملن عادة عن طريق مقاول، ويعانين في كثير من الأحيان من توظيف مسيء، وقسائم أجر غير صالحة (عن هذا الموضوع لاحقاً)
أيضاً عن كون سوق العمل غير محمي ومؤقت يمكن الاستدلال من الحقيقة المذكورة أعلاه: حيث ل 18% من العاملات بشكل فعلي لا يوجد لهن تصنيف حسب فرع اقتصادي. هذه حقائق شفافة عن سوق عمل شفاف.
نساء كثيرات يطلبن العمل – القليل من النساء يدخلن إلى سوق العمل
في ظل غياب النساء الفلسطينيات عن سوق العمل، والتأثير المباشر لذلك على تعميق حالة الفقر، بدأت نقابة العمال “معاً” عام 2016 بتحويل جزء كبير من مصادرها لمساعدة النساء العاملات والعاطلات عن العمل للحصول بشكل عاجل على حقوقهن في تأمين دخل، ولو كان قليلاً. ترافق هذا المسار مع الحاجة إلى فتح النقاش حول استيعاب آلاف النساء لاحقاً في سوق العمل، أيضاً فيما يخص النساء وأيضاً من الناحية الجماهيرية كما نعمل في هذه الوثيقة. النقطة المركزية التي وضعناها أمام عملنا مع قطاع النساء أعطت ثمارها بشكل مباشر: في سنة 2015 ساهمت “معاً” في معالجة 130 ملف قضائي لنساء من القدس الشرقية – 26% من مجمل الملفات، وفي نهاية سنة 2016 ارتفعت نسبة ملفات النساء إلى 40% (239 ملف)
“الخوف من الخروج إلى سوق العمل الإسرائيلي تضاءل” تشهد رانية صالح المركزة الميدانية والناشطة النسائية في فرع القدس لنقابة العمال “معاً”، والتي عاشت لسنوات طويلة على مخصصات الإعانة، “رغم أن النساء ما زلن يخشين من الخروج للبحث عن عمل في القدس الغربية ولكن انظروا إلى شارع يافا – إنه مليء بالنساء العربيات! عدد أكثر من النساء يردن الخروج للعمل وأن يغيرن حياتهن، مثلي. أيضاً التوقع من النساء أن يبقين في البيت يتغير وتزداد أكثر طلبات النساء للعمل. نجد ذلك عند جيل الشباب، شباب أكثر وأكثر يبحثون عن زوجات عاملات. هذا التغيير نشأ أيضاً بسبب الفقر الشديد”.
دلالة أخرى على التعطش للعمل يمكننا رؤيته أيضاً في نجاح مركز “ريان” للتوجيه المهني والذي تم افتتاحه في بيت حنينا في آب 2014 بالتعاون بين منظمة الجوينت ووزارة الاقتصاد. المركز، والذي افتتح في غرفة في متناس بيت حنينا، انتقل بفضل الطلب الكبير، تحديداً من قبل النساء، إلى مكاتب خاصة به في شعفاط. في هذه الأيام يتوسع المركز أكثر، ويفتتح مركزاً إضافياً في وادي الجوز. من بين مراكز العمل التي أنشئت في السنوات الماضية، يعتبر هذا المركز من الأكثر نجاحاً. مع افتتاح المركز، حددت وزارة الاقتصاد هدفه باستيعاب 90 مشاركاً فقط في السنة، ولكن تم استيعاب 179، ولغاية أيلول 2015 تمت التعامل مع 200 مشترك. هذا المستوى استمر أيضاً في عام 2016. مديرة المركز وفاء أيوب، تتحدث عن انجازات كبيرة بشكل ملحوظ مقارنة بالأهداف التي حددتها له وزارة الاقتصاد:
أهداف وزارة الاقتصاد كانت استيعاب لغاية 500 متوجه ومتوجهة بحيث يكون من بينهم 70% نساء، عملياً استطاع المركز استيعاب 1000 متوجه من بينهم 75% نساء، غالبيتهن في جيل الدخول إلى سوق العمل 18-24 وهن غير عاملات أو يعملن بوظائف جزئية.
غير أن الطلب على العمل لا يصل إلى التنفيذ الذي يستحق. بحسب أيوب، “من حيث الأهداف المطلوبة فإننا ملتزمون تجاه 30% ووصلنا في المركز إلى 37% من بين جميع المتوجهين والمتوجهات للمركز. المشكلة هي حين نقوم بتحليل الغاية المطلوبة من المركز – نسبة تحقيق الأهداف بين النساء هي 26% في حين أن نسبة تحقيق الأهداف بين الرجال هي 71%. من الأسهل على الرجال إيجاد عمل”.
النضال من أجل الدخول إلى سوق العمل ينعكس بشكل واضح في افتتاح معاهد كثيرة لتعليم اللغة العبرية وإتمام البجروت حيث أنها بطاقة الدخول الضرورية لسوق العمل الإسرائيلي الغني جداً بالوظائف.
الفصل الثالث: عقبات في الطريق للمشاركة في قوى العمل
- غياب التعليم
يبدأ مسار طالبات العمل من نقطة سلبية وهي مجال التعليم. هذه البديهية التي ترتفع بالتوازي معها نسبة التوظيف، صحيحة جداً فيما يخص النساء في القدس الشرقية، حيث كما سيتم تفصيله لاحقاً فإن نسبة 42.9% منهن لم تتح لهن الفرصة لإنهاء 12 سنة تعليم ومن بين هذه النسبة فقط 2% يتم توظيفهن.[15]
من بين 60400 امرأة في القدس الشرقية في جيل العمل الأساسي 25-65 سنة 2014 فإن:
43.9% لم يكملن 12 سنة تعليم – 2% منهن تعملن
7.81% أنهين 12 سنة تعليم فقط – 11.3 منهن تعملن
17.93% حاصلات على شهادة بجروت فقط – 10.9 منهن تعملن
7.4% حاصلات على شهادة فوق الثانوية – 41.5 منهن تعملن
18.81% حاصلات على شهادة لقب أول – 44.4 منهن تعملن
2.61% حاصلات على شهادة لقب ثاني – 77.2 منهن تعملن
تنقص هنا إشارة إلى المرجعية
تقرير التعليم الذي أصدرته جمعية “عير عاميم” لسنة 2016 – “خمس سنوات مرّت وانقضت منذ زمن…”[16] يكشف أنه من بين 128720 طفلاً في القدس الشرقية في جيل التعليم الإلزامي، هنالك 23،500 (نسلة 18%) غير مسجلين في أي إطار – لا بلدي، ولا غير بلدي ولا “معروفة كمؤسسة غير رسمية” ولا خاصة.[17]
من بين 105220 طالب المسجلين في دائرة التعليم في القدس ضمن أعمار 3-19 سنة في القدس الشرقية، 36% يتغيبون عن التعليم ولا ينهون صف الثاني عشر. يعني ذلك أن فقط 67340 (52.3%) يتمكنون من إنهاء الصف الثاني عشر. وفقاُ لحسابات دائرة التعليم في القدس، فإن التكلفة المطلوبة لتقليص التغيّب تبلغ حوالي 15 مليون شيكل. رغم ذلك، فإن البلدية والحكومة قرروا تخصيص فقط 1.2 مليون شيكل لهذه الغالية (يجدر القول أنها موازنة مضاعفة عن السنوات السابقة)
- غياب أماكن العمل
الوظائف في الصناعة كان بإمكانها الإجابة عن هذا المطلب، ولو بشكل جزئي، لنساء من القدس الشرقية ينقصهن التعليم ، ولكن هناك فقط منطقة صناعية واحدة، عطروت، توفر 58000 وظيفة.[18] كما سنوضح لاحقاً، فإن إمكانية الوصول إلى المناطق الصناعية في القدس الغربية محدودة جداً.
متابعة نقابة العمال “معاً” لنشاطات بلدية القدس في موضوع التوظيف، أظهرت أنه يوجد عدد من البرامج لخلق أماكن عمل في القدس الشرقية. في جلسة البلدية يوم 11-7-2016 تم ذكر هذه البرامج وتم الإيضاح أن كل هذه البرامج بعيدة جداً عن التنفيذ. في قسم كبير من الحالات كان التوضيح حول سبب التأخير في التأخير متعلق بأن تنفيذ هذه البرامج تحتاج إلى استخدام أراض ملكيات شخصية وأن البلدية لم تتمكن من الاتصال مع أصحاب الأراضي.[19]
بالإضافة إلى ذلك، تعاني القدس الشرقية من عملية ثابتة في اضمحلال المصالح المحلية والتي بغالبيتها مصالح عائلية تجد صعوبة بالغة في النجاة. بناء الجدار الفاصل فصل القدس الشرقية عن الاقتصاد الفلسطيني في الضفة وأخذت رام الله مكانها. هكذا تحولت القدس الشرقية إلى ما يشبه الريف المهمش في الاقتصاد الإسرائيلي. بشكل تقليدي وفّرت المصالح العائلية أماكن عمل للنساء. ومع انهيار هذه المصالح، نساء كثيرات وجدن أنفسهن خارج دائرة العمل. إضافة إلى ذلك، نساء كثيرات يشهدن أنهن يفضّلن الامتناع عن العمل في المصالح العائلية، لأن ذلك يعني في كثير من الأحيان أجوراً وظروفاً أقل مما هو مطلوب حسب القانون: بدون حقوق اجتماعية، إعانات أمومة، تعويضات عن الفصل من العمل، وحتى دون أن يكون عملهن مسجلاً عند الجهات الرسمية، وهكذا يجدن أنفسهن عند نهاية العمل بدون أي حقوق في البطالة، الأمومة، التعويض عن إصابات العمل وغيرها. كلما ازداد وعي النساء لحقوقهن، ازداد تفضيلهن للحصول على وظيفة مع ظروف وفق القانون.
رانية جولاني، عضو نقابة “معاً” عمرها 35، أم لثلاثة أطفال، تزوجت في جيل ال 20، وككثير من النساء توقفت عن العمل حين تزوجت. بعد ذلك تعرضت لعنف من قبل زوجها ولكنها خافت من الطلاق والبقاء دون أي مصدر للدخل. استجمعت قواها بعد ذلك وتطلقت. في الماضي نجحت رانية بالحصول على شهادة التوجيهي الفلسطينية وتدربت كمربية للطفولة المبكرة. بالتوازي مع طلاقها تدربت في مركز ريان ودائرة التشغيل كمديرة حسابات. على الرغم من رغبتها بالاندماج في العمل في أحد المجالات التي درستها، فإن العمل الوحيد الذي تم تحويلها إليه عن طريق دائرة التشغيل وقُبلت كان العمل في التنظيف (بوظيفة جزئية جداً، بحيث ما زالت بحاجة إلى إكمال دخل من مؤسسة التأمين الوطني)
مثال آخر هي قصة رائدة سلحوت، عضو في نقابة “معاً” عمرها 39 سنة، مطلقة وأم لابن عمره 16 سنة، تعيش في جبل المكبر. سنة 2006 مرّت رائدة بحادث عمل حين كانت تعمل في قطف الفطر في شركة “أيلون عيميك هفطريوت”. بعد الحادث بفترة وجيزة أعلنت الشركة عن إفلاسها وتمت إقالة جميع العاملات. بين السنوات 2008 – 2010 عملت رائدة في مخزن ألبسة حيث تم تحويلها للعمل هناك وفق برنامج “أوروت لتعسوكاه” (إحدى صيغ برنامج فيسكونسن لخصخصة دوائر التشغيل) ولكنها أقيلت بعد أن اشتكت عن ظروف العمل المسيئة. منذ ذلك الحين تجد صعوبة بالاندماج في العمل. بين السنوات 2013 – 2014 أُرسلت رائدة عن طريق دائرة التشغيل، مع مجموعة كبيرة من النساء، إلى دورة لمدّة سنتين تعلمت خلالها مهنة تربية الأطفال خلالها. الدورة تمت في معهد أنوار القدس، العمل التطبيقي والدراسة كانت 5 أيام في الأسبوع. عند نهاية الدورة خضعت لامتحان شامل وحصلت على علامة 85. حلمت رائدة بأن تفتح روضة أطفال أو أن تعمل بروضة أطفال، ولكن حين عادت لتطلب التوظيف في دائرة التشغيل قيل لها، ولمفاجأتها، أنه لا توجد عندهم أي وظيفة في رياض الأطفال أو في تربية الأطفال. وأيضاً بحثها الشخصي عن عمل لم تؤت ثمارها. من سوء حظها ومنذ أنهت التعليم ساء وضعها الصحي جراء حادث العمل الذي تعرضت له وهي قلقة اليوم من أن لا تتمكن من الإيفاء بالشروط المطلوبة للعمل كمربية الأطفال.
كما سيتم التوضيح لاحقاً (بند 7 – توظيف مسيء)، فإن الوظائف الموجودة أيضاً، في فرع التنظيف والرعاية، هي في غالب الأحيان وظائف جزئية جداً، فتات وظيفة، حيث أن عدد الوظائف التي تعمل بها نساء لا تعكس بالضرورة عدد الوظائف الكاملة المتاحة أمام النساء.
- غياب مرافق التعليم وبخاصة مرافق الطفولة المبكرة
في السنة الدراسية 2015-2016 عدد الأولاد بين جيل 0 إلى 3 سنوات في القدس الشرقية كان 23780.[20] في السنة ذاتها مرفقان فقط لرياض الأطفال التابعة لوزارة الصناعة، التجارة والعمل كانا فاعلين. بالإضافة لذلك، فإن من بين مجموع الأطفال والشباب في جيل التعليم الإلزامي، كما ذكرنا سابقاُ، 23500 (18%) غير مسجلين في أي إطار – لا رسمي ولا معرّف كغير رسمي ولا خاص.
غياب المرافق التعليمية وبخاصة غياب المرافق الرسمية الخاضعة للرقابة والدعم للطفولة المبكرة، يشكل عقبة أساسية أمام النساء المعنيات بالمشاركة في سوق العمل، خاصة في مكان يعاني فيه المجتمع من الفقر بشكل حاد كما أوضحنا سابقاً، مجتمع ليست رياض الأطفال الخاصة احتمالاً واقعياً فيه.
على سبيل المثال: س هي أم بلا-زوج لستة أطفال من جيل سنتين إلى 13.5 تم تحويلها عن طريق دائرة التشغيل للعمل في التنظيف في هداسا عين كارم وقُبلت للعمل. س طلبت الحفاظ على مكان عملها، ولكن من دون “ترتيب” لابنتها الصغيرة اضطرت لإحضارها معها في اليوم الثاني للعمل، تم فصلها مباشرة من العمل بسبب ذلك، وفي دائرة التشغيل تم تسجيلها كرافضة للعمل – معنى ذلك سحب مخصصاتها المستحقة لمدة شهرين. س قدمت استئنافاً، لجنة الاستئناف قررت أن “هذه الحالة ليست سهلة نهائياً، بشكل خاص لأن الأم بلا-زوج… يجب أن نكون مدركين للصعوبة الناجمة عن حالات كهذه. إذا كانت أقوال المستأنِفة ذات مصداقية عالية، عندها نكون أما مشكلة منهاجية من غير السهل حلها…” مع ذلك رفضت اللجنة الاستئناف، وادعت أن المستأنِفة “… أفشلت اندماجها في مكان العمل..” ولكن أضافت اللجنة أنه من أجل تمكين اندماج هذه الشريحة في العمل، توجد حاجة ل “إعادة الحسابات في المنهجية بشكل معمق وشامل..” فيما يتعلق بقضايا الطفولة المبكرة من بين أمور أخرى.
المشكلة معروفة للبلدية ولكن حسب نائب رئيس البلدية، السيد عوفر بركوفيتش، البلدية لم تقم بنقاش موضوع إنشاء رياض أطفال لهذا الجيل مطلقاً.[21]
- جدار الفصل
جدار الفصل يفصل أكثر من ثلث سكان القدس الشرقية عن تواصل الامتداد الحضري للمدينة. هذا غير الفصل عن الخدمات المدنية، السكان المقيمين في الحارات الواقعة خلف الجدار يجدون صعوبة بالغة في الوصول بالوقت المحدد إلى أماكن العمل، هذا لأن الطريق يمر عبر حواجز. سكان كفر عقب يضطرون للمرور في طريقهم إلى العمل عبر حاجز قلنديا والذي يمر عبره عند كل صباح قسم كبير من عمال الضفة أيضاً في طريقهم لإسرائيل وهو لا يفتح قبل الساعة 06:00 صباحاً. سكان مخيم شعفاط يضطرون للمرور عبر حاجز شعفاط، صحيح أنه مفتوح 24 ساعة في اليوم، ولكن في غالبية ساعات اليوم مسلكان فقط يكونان قيد العمل لتأمين الخروج ويتم تأخير حركة السير لغاية الفحص الأمني المشدد: كل المسافرين، والمسافرين في المواصلات العامة بشكل خاص مضطرون للنزول من الباصات والخضوع للفحص، الأمر الذي يؤدي إلى أزمات سير خانقة للغاية.
المرور عبر الحواجز يحوّل الامتثال لمطالب العمل إلى مهمة شبه مستحيلة – هكذا تحكي فداء شويكي، من سكان كفر عقب التي تم توظيفها بالتزامن مع بناء الجدار للعمل في المنطقة الصناعية عطروت الموجودة على مسافة 10 دقائق سفر من كفر عقب. “عام 2006 انتهوا من بناء الجدار. في بداية 2010 كان المرور مازال ممكناً بسهولة، خلال نصف ساعة كان يمكنني أن أصل من البيت إلى العمل.. سنة 2012 كل شيء تغيّر.. أقفلوا المعبر وبدأوا بإنزال النساء من الباص للفحص الأمني في حاجز قلنديا. هناك في الحاجز يوجد الكثير من الناس ويستغرق الفحص أكثر من ساعة. في كل دفعة يفحصون امرأتين وفقط بعد خروجهن من الحاجز يتم إدخال دفعة أخرى. وبعد ذلك يجب أن نستقلّ باصاً آخر. السفر يستغرق أكثر من ساعة ونصف. كان عليّ أن أخرج من البيت عند الساعة الخامسة أو الخامسة والنصف صباحاً، من أجل الوصول باكراً إلى الحاجز لحجز مكان حتى قبل أن يفتحوا المعبر. سنة 2014 كان هنالك تحسّن ما لأنهم خصصوا مسلكاً خاصاً للسكان الحاملين بطاقة هوية القدس ومسلكاً خاصاً للعمال من الضفة.
- المواصلات العامة: خدمات مقطوعة، غير كافية وغالية.
المواصلات العامة في القدس الشرقية مقطوعة عن تلك التي في القدس الغربية، وعملياً، بسبب هذا الانقطاع، هي أكثر تكلفة منها، كما سنفصل فيما يلي. بالإضافة لذلك، المواصلات العامة في القدس الشرقية تعاني من نقص حاد في عدد الخطوط، تعمل لساعات قليلة، وتتوقف عن العمل باكراً بعد الظهر.
سعر التذكرة في المواصلات العامة في القدس الشرقية هو 4.7 شيكل للسفرة الواحدة، في حين أن تقنية التذكرة باتجاه واحد خرجت من سياق التداول. بطاقة التذكرة المتعددة المتداولة في غرب المدينة، تسمح بعدد كبير من السفرات في القطار الخفيف وفي الباصات بسعر 6.7 شيكل وهي غير سارية المفعول في القدس الشرقية. العاملة التي تشتغل شهراً كاملاً في القدس الغربية تغطي نفقات السفر إلى العمل بتكلفة السفر الشهري الحر المدفوع من حساب المُشغّل. ولكن العاملة التي تسكن في شعفاط وتشتغل في مستشفى هذاسا عين كارم تحتاج إلى تذكرة سفر بقيمة 4.7 شيكل للوصول إلى محطة القطار الخفيف، فقط من هناك بإمكانها استخدام بطاقة التذكرة المتعددة، الأمر الذي يجعل الوصول إلى العمل والعودة منه أكثر تكلفة. العاملات المقيمات في الحارات النائية تحتجن أحياناً أكثر من تذكرة بقيمة 4.7 شيكل لكل واحدة، وأيضاً عدد سفرات إضافي في مواصلات المدينة الغربية للوصول إلى مكان العمل، مما يجعل الوصول إلى العمل مكلف بشكل بالغ، حتى أنه يضاعف زمن الوصول للعمل. في بعض الأماكن المواصلات العامة لا تعمل بشكل ناجع، مما يضطر العاملات لاستخدام سيارات الأجرة على حسابهن للوصول إلى العمل أو إلى نقطة تواجد مواصلات عامة إسرائيلية.
النتيجة تكون صعوبة كبيرة بإمكانية الوصول العمل في القدس الغربية، بسبب التكاليف الغالية، وأيضاً بسبب الوقت الطويل للوصول. أحياناً يكون الموضوع عقبة حقيقية حتى في مرحلة القبول للعمل. في جلسة “لجنة التطوير الاقتصادي والتشغيل في القدس الشرقية” 12-7-2016 في البلدية تم طرح أن إحصاء شاملاً ل 10000 ساكن من كل أحياء القدس الشرقية أظهر طلباً واضحاً بالربط مع مراكز العمل في غرب المدينة.
جيهان شاعر (40) متزوجة وأم لخمسة أبناء، مقيمة في سلوان، تم تحويلها إلى خمس مقابلات عمل بفترة ما بين آب 2016 لغاية كانون أول 2016. مقابلة واحدة فقط كانت في مكان تستطيع الوصول إليه بالباص، صاحب عمل آخر لم يجب على اتصالها لأيام، وسافرت إلى مكتب صاحب العمل بسيارة أجرة كلفتها 40 شيكل، ولكنها اكتشفت أن المكاتب مقفلة. حين تمكنت من الاتصال بصاحب العمل طلب منها القدوم مرة ثانية، ومرّة ثانية دفعت 40 شيكل لسيارة الأجرة وحين وصلت اتضح لها أن العمل فقط أثناء الليل، ولكن المواصلات العامة في سلوان تتوقف عن العمل في الساعة 18:30 حيث لا يمكنها العمل في الليل. في مقابلة أخرى طلب منها صاحب العمل أن تصل إلى المقابلة خلال نصف ساعة إلى المقابلة في ماميلا. على الرغم من أن المسافة ليست كبيرة، ولكن بسبب عدم فاعلية المواصلات العامة في القدس الشرقية فإن الوصول بهذه السرعة غير ممكن، واضرت إلى استئجار سيارة أجرة، مرة أخرى بتكلفة 40 شيكل بكل اتجاه. لمقابلة أخرى لم تتمكن من الوصول لأنه لم يكن بحوزتها نقود كافية لتدفعها هذا الاسبوع، حتى للأكل والكهرباء تقول أنه لم يكن معها نقود لتدفعها. فقط بعد أن تسلم زوجها راتبه عن عمله في الشهر السابق تمكنت من الذهاب للمقابلة.
من المهم التنويه في هذا السياق أن المواصلات العامة المتوفرة حالياً ليست سهلة الوصول بما يكفي. على سبيل المثال فإن الكثير من النساء اللواتي توجهن إلينا للحصول على مساعدة في موضوع الوصول إلى العمل لم يعرفن نهائياً عن وجود بطاقة التذكرة المتعددة – وسيلة أساسية لسكان القدس الغربية، والذي كان من الممكن أن يتيح لهن في الحد الأدنى إمكانية التنقل في القدس الغربية وأن يوفر عليهن مصاريف كثيرة. حتى ولو ليس كل المصاريف. خلال السنوات الثلاث الأخيرة أقيمت حملة علاقات عامة هدفها توفير معرفة حول بطاقة التذكرة المتعددة وحول برامج المواصلات العامة. أحد مدراء الحملة قال أمامنا في شهر نيسان أنه من المفترض توسيع نشر الحملة، ولكن يبدو أن الحملة المكثفة التي تمت في القدس الغربية وكل التوضيحات المفصلة حول استخدام البطاقة وحسناتها، بالإضافة إلى تثبيت ماكينات متحركة لاستخراج البطاقات في أماكن مريحة وسهلة الوصول، لم تتمكن بعد من اجتياز الحدود إلى شرق المدينة.
تضاف إلى ذلك حقيقة أن المحطات المركزية للقطار الخفيف في القدس الشرقية – محطة شعفاط ومحطة السهل – لا تعمل كما هو مطلوب منذ تموز 2014: لا توجد مقاعد ولا مظلات حماية، لا يمكن اقتناء البطاقات هناك، والطريقة الوحيدة للصعود على متن القطار في هذه المحطات هي من خلال بطاقة التذكرة المتعددة، والتي لم يصل ذكرها كما هو مطلوب إلى هذا القسم من المدينة.
يجب التنويه إلى أن محطة القطار في شعفاط محاذية لبيت محمد أبو خضر، الذي قُتل بوحشية في تموز 2014، أعقبت عملية القتل مواجهات أدت إلى تضرر ماكينات القطار الخفيف هناك. بحسب أقوال سلطة الجمارك، قبل أكثر من سنة تم تحويل مبالغ السُلف إلى شركة القطار الخفيف لتصليح المحطات والإجراءات في هذا الملف تتواصل بالتعاون مع القطار الخفيف[22] بحسب أقوال المتحدث باسم بطاقة التذكرة المتعددة، في المحطة توجد لافتات تشير إلى الحوانيت التي يتم بها بيع تذاكر القطار الخفيف[23] ولكن في الميدان وجدنا (بعد بحث) عدداً قليلاُ من اللافتات في أماكن غير بارزة، وعلى ظهر بعضها مكتوب بخط اليد تشير إلى حانوت يبيع التذاكر، ولكن حتى في هذا الحانوت لا يمكن شحن بطاقة التذكرة المتعددة أو شراء بطاقة جديدة.
في إطار محاولات “معاً” لمساعدة الباحثات عن العمل وتوفير إمكانية وصولهن إلى أماكن العمل، نحن نساعدهن بطريقتين: الأولى بتقديم استشارة في الوقت الحقيقي. نساء كثيرات من اللواتي يتم تحويلهن عبر دائرة التشغيل إلى مقابلات عمل يستصعبن الاستفسار عن كيفية الوصول إلى مكان المقابلة ونحن نقدم لهن الإجابة.
الثانية تكون في إطار تدريب مروجات الحقوق من بين طالبات العمل في دائرة التشغيل. نحن نعلم النساء، من بين أمور أخرى، كيف يستخدمن المواصلات العامة، بطاقة التذكرة المتعددة ونذهب معهن إلى لقاء في مركز السيتي باس من أجل التعرف على المكان، لقاء مع مسؤول خدمات واًستصدار بطاقات، كل هذا بهدف أن تنتقل هذه المعرف من خلالهن إلى نساء أخريات.
حاجز اللغة
بغياب السيطرة على اللغة العبرية لا توجد إمكانية لولوج سوق العمل الإسرائيلي حتى لوظائف التي لا تحتاج إلى تدريب مهني. صادفت “معاً” مرات متعددة طالبات عمل بتم تحويلهن عن طريق دائرة التشغيل لمقاولي خدمات في مجال التنظيفات والذين يرفضون توظيف عاملات لا تُجدن اللغة العبرية. كما فصّلنا سابقاً – فقط حوالي النصف من المقيمات في القدس الشرقية أنهين 12 سنة تعليم، وهذه إحدى النتائج.
ف.ح. تم تحويلها عن طريق دائرة التشغيل إلى شركة “تطبيق الحلول م.ض.”. ولأنها لا تجيد العبرية ومسؤولة العلاقات في الشركة لا تجيد العربية اضطرت ف.ح. إلى التوجه لنقابة العمال “معاً” لكي تتوسط وتعمل على سد الفجوة في اللغة. خلال مكالمة تلفونية أوضحت مندوبة الشركة لمندوب “معاً” أن الوظائف المقترحة – عمل في مصنع، أو أعمال تشمل اتصالاً مع الجمهور (محاسبة، منظمة، بائعة) – تتطلب إيجاد اللغة العبرية، وحتى القراءة باللغة العبرية.
طاقم نقابة العمال “معاً” يقدم مساعدة بشكل يومي للنساء بالترجمة والتوسط أمام المشغّلين، وأحياناً فيما يخص مهمات العمل. مع الأسف دائرة التشغيل لا تساعد في هذه الحالات وفي أحيان متقاربة يضيف خطأ على الجرم حين يدعي في حالات رفض الطلب على خلفية عدم معرفة اللغة العبرية أن طالبة العمل رفضت العمل، الأمر الذي يؤدي إلى سحب مخصصات المعيشة لمدّة شهرين
رانية جولاني أيضاً، التي أوضحنا قصتها سابقاً والتي مرّت بفترة تدريب مهني في مركز ريان بمجال إدارة الحسابات، تشهد أنها واجهت عقبات فيما يخص اللغة. في إطار التدريب تعلمت اللغة العبرية أيضاً بمستوى أوّلي والذي لا يكفيها للقبول للعمل في المجال الذي تدربت عليه، أيضاً حين يتم تحويلها من قبل دائرة التشغيل.
غياب اللغة يؤثر أيضاً على التواجد في المحيط، ويصعّب على الكثير من النساء في الوصول إلى مكان العمل. معروف لنا أن النساء اللواتي تتم دعوتهن إلى مقابلة عمل في القدس الشرقية يجدن أنفسهن أحياناً يستأجرن سيارة أجرة عالية التكلفة لأنه ليس لديهن طريقة أخرى لاستيضاح كيفية الوصول إلى مكان المقابلة. كما أوضحنا في فقرة سابقة، فإن “معاً” يحاول إعطاء حلول لهذه المشكلة.
في جلسة “لجنة التطوير الاقتصادي والتشغيل في القدس الشرقية” يوم 12/7 عام 2016 في بلدية القدس قيل أنه في السنوات الماضية خصصت بلدية القدس موازنة لزيادة تعليم اللغة العبرية في مدارس القدس الشرقية، وأنه خلال سنة 2016 تم افتتاح في خمسة مدارس 18 مجموعة تتعلم اللغة العبرية 500 ساعة بهدف الوصول إلى مستوى الإعفاء من اللغة العبرية في الصف العاشر[24] بالإضافة لذلك فإنه تم في حلقة بحث للمعلمين دافيد يلين افتتاح مسار اعتماد للمعلمين ليتمكنوا من تدريس اللغة العبرية. عما قريب ينتهي المسار الثالث، ولغاية اليوم هنالك 28 خرّيج. لكن وبحسب مديرة فرع التعليم العربي في وحدة التعليم التابعة للقدس، السيدة نبيلة منع، فإن البرنامج لا يؤتي الثمار المطلوبة. “تمكين المعلمين ليس واضح حقاً”، بحسب أقوالها، “بعضهم يعرفون اللغة العبرية ولديهم دراسة أكاديمية بالعبرية. إنهم يمرون بمرافقة ثقافية ودعم ولكنهم ليسوا معلمين متخصصين (للغة العبرية)”. بحسب أقوالها، أحد العوائق في الطريق لتوظيف معلمين متخصصين ومهنيين لتعليم العبرية هو حقيقة أن هؤلاء المعلمين يوظفون بشكل مرقت، عن طريق مقاول بديل، وأحياناً بأجر غير عادل.
في إطار الجهد للتغلب على عائق اللغة، فإن فرع “معاً” قد بدأ مؤخراً بإقامة دروس لغة عبرية للنساء المعنيات بتحسين سيطرتهن على اللغة من أجل زيادة حظوظهن للقبول في سوق العمل. متطوعون من “معاً” يقدمون الدروس في مكاتب النقابة، ومؤخراً بدأ تعاون مع الكنيسة الفنلندية والتي تقدم غرف تعليم.
توظيف مسيء
بسبب ابتعادهن عن التعليم الثانوي الكامل وغياب شهادة البجروت، الوظائف الوحيدة المفتوحة أمام الغالبية العظمى من المقيمات في القدس الشرقية هي وظائف غير تخصصية، في الغالب التنظيف والرعاية – هذه الفروع تعاني من ظاهرة التوظيف عبر مقاول ثانوي ومسيئ. النساء اللواتي اقتحمن الحواجز العالية التي ذكرناها سابقاً يواجهن سوق عمل مسيء، حيث في كثير من الأحيان يمنعهن بشكل فعلي من إمكانية استيعابهن في سوق العمل.
مثالاً على التوظيف المسيء هي أن الكثير من المشغّلين يمتنعون عن قبول نساء محجبات للعمل. هذا الأمر يحمل تمييزاً ممنوعاً حسب القانون. رغم ذلك فإن نساء كثيرات تم تحويلهن (وما زلن كذلك) عن طريق دائرة التشغيل للعمل في الفنادق في القدس والذين أوضحوا لهن بشكل صريح أن أحد شروط العمل، وحتى لمقابلة العمل، هي خلع الحجاب (غطاء الرأس)، لدرجة أن تم تهديدهن بأن رفض ذلك سيؤدي إلى سحب مخصصات المعيشة عنهن لمدّة شهرين. مع الأسف، بعد الشكوى حول الموضوع، ما زالت دائرة التشغيل تقوم بتحويل النساء إلى هؤلاء المشغّلين، وحتى أنه يقوم بتوبيخ النساء اللواتي رفض خلع غطاء الرأس.
ظاهرة أخرى منشرة هي التوظيف الجزئي، حيث وعلى سبيل المثال في حالة شذا بركات، عضو في نقابة “معاً” عمرها 22 سنة تقيم في العيساوية مع عائلتها. أنهت بركات 12 سنة تعليم ولديها شهادة بجروت فلسطينية (توجيهي). بالإضافة لذلك فقد أنهت تدريباً مهنياً عن طريق دائرة التشغيل بموضوع التجميل، وتريد أن تتعلم العناية بالأطفال. عملياً، المشغّلين الوحيدين الذين قامت دائرة التشغيل بتحويلها إليهم، هم من فرعي التنظيف والرعاية. “عملت مرتين خلال سنة 2016 عن طريق دائرة التشغيل”، تقول بركات، ” عند أحد المشغلين ثلاثة أيام، والفترة الأطول كانت ثلاثة أشهر بالعمل في الرعاية، ولكن كان هذا العمل لمدة 3 ساعات باليوم مرتين في الأسبوع. كان العمل قليلاً جداً والأجر كان قليلاً جداً بحيث واصلت المثول في دائرة التشغيل على أمل الحصول على عمل بساعات أكثر ولكنهم لم يجدوا لي عملاً. حين طلبت من المشغّل قسائم أجر، لأنه لم يكن يعطيني، هو لم يفصلني من العمل ولكنه توقف عن إرسالي إلى طالبي عناية جدد”. في عمل التنظيف الذي تم تحويلها إليه، تقول بأنه تم رفضها من قبل المشغّل، وفقط بعد أن طلبت من مسؤولة التوظيف أن تتدخل تم قبولها للعمل. وبعد أن تم قبولها فقد اضطرت للركض وراء المشغّل كل يوم لكي يدلها إلى كيفية الوصول للعمل، لقد عملت كل يوم في تنظيف مكان مختلف، بدون أي إرشاد، وتم فصلها من العمل بعد 3 أيام بدون توضيح وبدون بلاغ فصل عن العمل.
ظاهرة الفصل القسري من العمل بعد فترة عمل وجيزة، بدون استجواب، بدون بلاغ مسبق، بدون رسالة فصل مكتوبة، وحتى بدون التبليغ عن الفصل كما في حالة بركات، هي ظاهرة تواجهنا بشكل مستمر. المشغّلين يقومون باستبدال العمال بشكل مستمر، ويربحون بذلك أنهم لا يشغلون عمالاً لديهم حقوق، ذلك لأن الكثير من الحقوق مرتبطة بالأقدمية في العمل: الحق بالتعويض عن الفصل، إجازات مدفوعة التكلفة، عدد أكبر لأيام العطل السنوية. بالنسبة للمشغّل فإن هذه جنتهم – العامل الذي تم تشغيله بجزيء من الوظيفة لمدة شهرين لن يسارع إلى تقديم شكوى للمطالبة بحقوقه، حتى ولو تم دفهم له بشكل ناقص، لأن الحديث عن حقوق قليلة نسبياً، وتكلفة تقديم الشكوى عادة تكون أعلى من المبلغ المفترض الذي قد يحصل عليه. “معاً” تساعد العمال أيضاً بتقديم شكوى ولو بمبالغ بسيطة، من أجل أن نوفر عليهم الحاجة للتوجه إلى المحامين الذين يطلبون تكاليف عالية.
قصة ختام فلاح من سكان مخيم اللاجئين شعفاط، عمرها 39 سنة، متزوجة وأم لأربعة أبناء، تدلل على استهتار المشغّلين بالعاملات الفلسطينيات. فلاح تم توظيفها في أعمال تنظيف عن طريق شركة مقاولة تم تحويلها إليها عبر دائرة التشغيل، وتحكي عن عمل جسماني صعب جداً بتنظيف مكاتب وحمامات كثيرة، والعمل مع المواد الكيمياوية. والتعامل الذي حظيت به كان مستهتراً، بما في ذلك الازعاج أثناء استراحة الطعام. المشغّل اعترف بأن ختام تعمل في ظروف ضغط مكثّف، ولكنه رفض استيعاب عاملة إضافية. حين دخلت ختام في حمل طلبت مرّة ثانية أن يتم استيعاب عاملة إضافية لتقاسمها العمل ولكن طلبها رُفض. عندما خشيت من أن ظروف العمل تتسبب في إيذاء الجنين طلبت أن بتم استبدالها ولكن طيلة تلك الفترة كان المشغّل يماطل. فقط عندما مرضت ختام وجدوا بديلة عنها، وأيضاً عندها طلب منها المشغّل – أثناء مرضها – أن تأتي إلى العمل لتعلّم بديلتها على العمل.
ليست قصص بركات وفلاح حالات استثنائية, خلال سنة 2016 رافق فرع “معاً” عشرات النساء في محاولة استيعابهن في سوق العمل، في حين أن غالبية المشاكل نجمت عن التعامل مع النساء الفلسطينيات على أنهن فريسة سهلة يمكن استغلالهن ورميهن دون أي رادع.
- إجراءات دائرة التشغيل، التي تعطي سنداً للتوظيف المسيء.
في سنة 2016 امتثلت 2906 امرأة شهرياً في دائرة التشغيل في القدس الشرقية والتي وفّرت لهن تحويلاً إلى 3048 عمل خلال السنة.[25] وهذا عدد كبير من التحويلات إلى العمل بالنسبة ل 11 ألف امرأة العاملات بشكل فعلي في القدس الشرقية، مما يضع دائرة التشغيل كحلقة وصل مهمة في اقتراحات العمل للنساء من القدس الشرقية ويصع على عاتقها مسؤولية ثقيلة.
ولكننا رأينا أن عدد التحويلات الكبير لا يدلّ على تشكيلة واسعة لأماكن العمل. خلال سنة 2016 توجهت إلى “معاً” نساء كثيرات تم تحويلهن إلى مشغّلين كانوا قد أعلنوا أنه ليس لديهم حاجة لعاملات وأنهم لم يطلبوا من دائرة التشغيل أن تقوم بتحويل عاملات إليهم. رغم ذلك، مرات كثيرة يقوم المشغّل بإبلاغ دائرة التشغيل أن العاملات رفضن العمل الأمر الذي يؤدي إلى سحب مخصصات المعيشة لمدّة شهرين.
على سبيل المثال السيدة رانية الجولاني التي اوردت قصتها في هذا التقرير كانت قد وجهت الى عمل في مجال النظافة. في نفس الوقت كانت السيدة رانية تشارك في دورة تأهيل التي وجهها اليها مركز ريان والتي كانت ممولة من قبل مصلحة الاستخدام. خلال المقابلة معها عند مكان العمل المذكور كان المشغل يوجه لها أسئلة مستمرة حول استعدادها للخروج الى العمل ولم يقترح عليها أبدأ الانخراط في العمل في شركته. عندما كان جوابها إيجابيا استمر المشغل بأسئلته بنفس الاتجاه وألح على حالتها الصحية وهل تعاني من مرض ما. في رد على هذه الأسئلة أوضح السيدة رانية بأن حالتها الصحية جيدة وليست لها أية إشكالية في الانخراط في العمل. السؤال التالي كان – هل لديك أطفال وهل من الممكن أن يشكل كونك أم عائقاً أمام انخراطك في مجال العمل. على هذا السؤال ردت السيدة رانية بأنها أم لأطفال لكنها تريد العمل. بعد ذلك وُجّه لها سؤال حول تعليمها وعندما كان جوابها بأنها تتعلم رد عليها صاحب العمل بأنه يستخلص من ذلك بأنها لا تريد أن تعمل. على قولها بأنها تنوي العمل والتعليم بالتوازي كي تتمكن من الحصول على أجر أعلى في المستقل كان رد المشغل أنه يفهم منها بأنها غير ملائمة للعمل.
بعد ذلك اللقاء بأسبوع، تسلمت السيدة رانية من موظف مصلحة الاستخدام بلاغاً بأنها اعتبرت ك “رافضة لاقتراح عمل” وبناءً على ذلك توقفت مخصصاتها وذلك لأن المشغل قدم تقريراً مفاده أنها تريد أن تتعلم ولا تريد أن تعمل. بعد شهور طويلة من المعركة القانونية ضد هذا القرار الجائر وافقت مصلحة الاستخدام على شطب القرار وإعادة مخصصاتها المسلوبة.
للأسف هذا التصرف من قبل شركة التنظيف ليس استثنائياً، ففي الفترة التي أجريت بها هذه المقابلة مع السيدة رانية، توجه إلى مكتب نقابة معاً عدد إضافي من طالبي العمل الذين تعرضوا لنفس المعاملة. في إحدى الأجوبة على رسائلنا إليه أوضح مدير الشركة بأنه لم يطلب العمال من مصلحة الاستخدام وفي الواقع شركته ليست بحاجة للعمال بتاتا.
رغم أن مواداً كثيرة تم تحويلها إلى دائرة التشغيل بخصوص حالات كهذه، أيضاً من خلال التوجه برسائل وأيضاً من خلال استئنافات (إلى لجنة الاستئناف في دائرة التشغيل) واستئنافات (إلى محكمة العمل)، لم تصلنا أي دليل على أن دائرة التشغيل تقوم بفحص هذه الحالات. العكس هو الصحيح – نحن نعرف أن دائرة التشغيل تواصل تحويل العاملات إلى ذات المشغّلين، وفي الحالات التي يقوم بها المشغّل بتسجيل رفض والعاملة تقول أن المشغّل هو الذي رفض توظيفها – تفضّل دائرة العمل موقف المشغّل بشكل جارف، وهذا بناء على مكانته الرسمية
التحويل إلى عمل مسيء
طالبة العمل التي يتم تحويلها من قبل دائرة التشغيل لا تكون صاحبة حق في الاستفسار عن طبيعة العمل الذي وُجهت إليه هي تمتثل كي لا تأخذ مخاطرة بفقدان مخصصات المعيشة التي تستحقها لمدّة شهرين. هذه الحقيقة، على خلفية الفقر الشديد في القدس الشرقية، تُعطي قوّة كبيرة للمشغّل كي يتصرف بشكل مسيء وأن يستغل طالبات العمل اللواتي لا يستطعن رفض العمل ويخشين من قوّة المشغل في الإبلاغ عن رفضهن للعمل.
من تجربتنا وكما أوردنا في الأمثلة الكثيرة في هذا التقرير، هذه الصلاحية يتم استغلالها بشكل سيء في حالات كثيرة من قبل المشغّل، وبشكل عملي فقد نشأ وضعٌ تضطر فيه النساء إلى الاختيار بين توظيف مسيء وبين فقدان مخصصات المعيشة وفي حالات كثيرة لا يكون أمامهن خيار غير الصمت أمام إجراءات مسيئة من قبل المشغّل. للأسف الشديد، مرات كثيرة تكشف النساء أنه رغم جهودهن الكبيرة للقبول في العمل، يرفض المشغّل قبولهن وحتى أنه يسجل لهن رفضاً للعمل في دائرة التشغيل.
خلال سنة 2016 وصلت إلى نقابة “معاً” طلبات كثيرة من هذا القبيل، قدمت “معاً” بخصوصها استئنافات واستفسارات وحتى توجيه رسائل مكتوبة لدائرة التشغيل. رفضت دائرة التشغيل إجراء فحص بخصوص تعامل هؤلاء المشغّلين. الاستئنافات إلى المحكمة في هذه الحالات أدّت إلى قيام دائرة التشغيل بمحي الرفض حتى قبل بدء المداولات، وبهذا لم يتم عملياً فحص هذه الحالات بشكل عميق وأساسي. المحامي عيمانويل وييل من الدائرة القضائية في دائرة التشغيل، وفي رده على توجهات في هذا الموضوع، رفض أن يجيب عن لب الموضوع، ورفض الأمر بحجة أنه ليس للنقابة صلاحية للتقدم بشكوى بهذا الصدد. موقفه هذا ينسجم مع موقف المتحدثة باسم دائرة التشغيل التي توضح أن “دائرة التشغيل لا تقوم بأي تفقّد عند المشغّلين..”، بادعاء أن الأمر ليس ضمن صلاحيتهم، ولكن الشكاوي التي ينتج أنها صادقة تتراكم عند مراقب دائرة التشغيل.
هذه السياسية فيما إذا كانت قانونية أو أنها ترتكز على تحليل مريح للقانون، فإنها تعطي مجالاً واسعاً لمشغّلين مسيئين أن يحصلوا على أيدي عاملة رخيصة وسهلة الاستغلال.
تلخيص
تحسين مكانة النساء العربيات بشكل عام، وفي سوق العمل بشكل خاص، يقف في مركز عمل نقابة العمال “معاً”
من معرفة الفقر في القدس الشرقية وبخاصة مع ظروف المعيشة للسكان، بدأنا في كانون ثاني 2015 ببرمجة تغيير جذري بنشاطاتنا في فرع القدس. عملنا من أجل تسهيل الوصول إلى نشاط الفرع بشكل بارز أكثر لشريحة السكان في القدس الشرقية وبخاصة إلى الشريحة الكبيرة من النساء الفقيرات المغيبات عن التعليم الأساسي.
من المعطيات الصادمة حول الفقر في القدس الشرقية حسبما أوضحنا أيضاً في تقارير سابقة[26] وخاصة من خلال المعطى الذي يقول أنه من بين جمهور مكون من 84500[27] امرأة عاطلة عن العمل فقط 2969[28] يمتثلن في دائرة التشغيل ويطلبن تأمين دخل وعمل، تعرفنا على عزل النساء الحاد عن كل شبكة أمان اجتماعي وأيضاً عن إمكانية الخروج من دائرة الفقر والبطالة. استنتجنا أنه توجد ضرورة بتقوية وربط هؤلاء النساء لمعرفة حقوقهن، وبشكل رئيسي لتشجيع إمكانية توظيفهن، الأمر الذي يؤدي إلى تحسين ملموس في مستوى حياة هذه الأسر الفقيرة في القدس الشرقية.
من أجل هذا التغيير تم تكريس ساعات كثيرة من العمل الميداني بأوساط العاطلات عن العمل وطالبات العمل في دائرة التشغيل، هكذا تعرفنا على أوضاعهن الشخصية وتلك المتعلقة بالعمل لنساء من القدس الشرقية، عملنا من أجل كشف جمهور النساء للمعرفة بشأن التوظيف العادل، حقوقهن أمام مؤسسة التأمين الوطني ودائرة التشغيل، معرفة أساسية مثل استخدام المواصلات العامة، وغير ذلك.
في لب التغيير وضعنا تجنيد وإنشاء مجموعة –”ناشرات الحقوق”- نساء متطوعات من بين طالبات العمل اللواتي تمتثلن في دائرة التشغيل، واللواتي يدرسن بعمق حقوقهن والمعطيات حول الأوضاع الاقتصادية-الاجتماعية للقدس الشرقية، ويخضعن لتقوية وتمكين نسوي. هؤلاء النساء يتحولن إلى وكلاء تغيير، ويشكلن مصدراً للمعرفة في موضوع حقوق النساء، قوانين العمل والحصول على الحقوق أمام الدوائر والمشغّلين، ويساهمن في نشر هذه المعرفة.
هذه الخطوة أدت خلال فترة قصيرة إلى زيادة كبيرة بتحويل نساء فلسطينيات إلى أعضاء في نقابة “معاً” في القدس الشرقية وبدأن بالاهتمام بالأسئلة الاجتماعية المتعلقة بالمجتمع عامة وبهن كنساء.
من هذه الخطوات، والتي تشبهها يمكننا أن نجدها في تطور ونجاح مركز ريان وبنشوء مجموعات نسائية أخرى في القدس الشرقية في السنوات القليلة الماضية، يمكننا تبيّن أنه ضمن هذه المجموعة من النساء المقموعات من بين نساء القدس الشرقية توجد طاقات تغيير كبيرة، وإذا أرفقت إليهن خطوة أساسية لتحسين أوضاعهن في مجال التعليم والتوظيف، ستؤدي إلى ثورة حقيقة.
تعزيز هذا التغيير مرتبط بتطبيق التعامل بمساواة تجاه المقيمات في القدس الشرقية، في إطار تعامل كهذا ستزداد بشكل ملحوظ الأطر الخاصة بالطفولة المبكرة، يُبنى نظام تعليم ذي جدوى يوفر تعليماً جيداً لكل الأولاد والشباب، يتم تسهيل الوصول إلى سوق العمل، ويتوفر توظيف عادل للرجال وعلى وجه الخصوص للنساء.
زج النساء في سوق عمل مسيء، إقصائي، وبلا أفق إنتاجي، يؤدي إلى إحباط وسلفاً فإنه لا يحسن من أوضاع النساء وعوائلهن. تغيير جوهري يجب أن يأتي مع فتح أفق العمل العادل الذي يكون بإمكانه الإنقاذ من الفقر.
شكر:
بودّنا أن نشكر طاقم عمل “معاً” المتفاني، العامل في القدس الشرقية يوأب طمير، رانية صالح، سجود سليمان والمحامية آية برطنشطاين. وأيضاً لأعضاء “معاً” اللواتي فتحن قلوبهن أمامنا ووافقن على إجراء المقابلات معهن بأسمائهن: رانية جولاني، ختام فلاح، رائدة سلحوت، فداء شويكي، جيهان شاعر.
شكرنا موصول أيضاً لماريك شطرن، باحث رئيسي في معهد القدس لدراسة إسرائيل ولوفاء أيوب مديرة مركز ريان في القدس الشرقية.
إيريز فاغنر – بحث وكتابة
روني بن إفرات والمحامية آية برطنشطاين – تحرير
نشكر الجهات التالية على دعمهم لنشاط فرع “معاً” في القدس الشرقية.
كل ما هو مكتوب في هذا التقرير يقع تحت مسؤولية نقابة العمال “معاً” فقط
***
[1] التعديل حسب قائمة و/1 لإحصاءات القدس السنوية 2010-2016 معهد القدس لدراسة إسرائيل
[2] تقرير مؤسسة التأمين الوطني لسنة 2014 (لائحة خط الفقر حسب حجم العائلة)
www.btl.gov.il/Publications/oni_report/Documents/oni2014.pdf
[3] تقرير نقابة العمال “معاً” – القدس الشرقية كارثة اجتماعية واقتصادية
[4] بحسب قوائم و/2 لتقارير القدس السنوية 2010-2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل
[5] التناسب في قائمة و/2 لتقرير القدس السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل 2016
[6] الدائرة المركزية للإحصاء تقوم بالتفريق بين جيل العمل 25-64 للنساء والرجال وبين مجمل جيل العمل القانوني وهو جيل فوق ال 15 سنة
[7] قائمة ز/1 من التقرير السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل – بما ينطبق على سنة 2014
[8] التناسب في قوائم ز/1 لتقارير القدس السنوية 2013-2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل
[9] قائمة ز/1 من تقرير القدس السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل
[10] تعريف المشاركة في القوة العاملة تنقسم بين العاملات فعلاً واللواتي كنّ مُشغّلات في الأسبوع الذي تم به الإحصاء وبين المشاركات في القوة العاملة الغير مُشغّلات بشكل فعلي – التعريف ينطبق على النساء اللواتي عملن في عمل ما واو بشكل جزئي جداً، خلال السنة التي تم بها الإحصاء ولكن ليس خلال الأسبوع الذي تم به الإحصاء.
[11] الدائرة المركزية للإحصاء تقوم بتصنيف العمال حسب معيارين:
[12] قائمة ز/9 من تقرير القدس السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل
[13] “خمس سنوات مرت وانقضت منذ…”، الفقرة 2 بند ب، جمعية “عير عاميم” http://www.ir-amim.org.il/he/node/1856
[14] http://eng.wac-maan.org.il/?p=1827 Gender Analysis of WAC-MAAN’s target group
[15] التناسب في قائمة ز/10 لتقرير القدس السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل، وقائمة 20/2 لتقرير الدائرة المركزية للإحصاء السنوي 2015 (كلاهما يتعاطى مع سنة 2014)
[16] “خمس سنوات مرت وانقضت منذ زمن..” فقرة التغيّب، جمعية “عير عاميم http://www.ir-amim.org.il/he/node/1856
[17] إن المدارس المعروفة كمؤسسات غير رسمية هي مدارس تعترف بها دولة إسرائيل لكنها لا تملكها. هذه المدارس ملزمة بجدول التعليم الذي يحتوي على نسبة 75% من مضامين الأساس في جهاز التعليم في إسرائيل وهي تحصل على ميزانية حكومية وبلدية التي تساوي فقط 75% من الميزانية التي تحصل عليها كل مدرسة في إسرائيل)
[18] وفقاً لسنة 2014 – قائمة ح/11 من تقرير القدس السنوي 2016، معهد القدس لدراسة إسرائيل.
[19] من تلخيص جلسة لجنة التطوير الاقتصادي والتشغيل في القدس الشرقية التي عقدت يوم 11-7-2016 برئاسة نائب رئيس البلدية عوفر بركوفيتش، والتي أقيمت بدعوة ومشاركة مركز “معاً” إيريز فاغنر
[20] وفقاً لسنة 2015 – القائمة 20/2 لتقرير دائرة الإحصاء المركزية 2016
[21] من تلخيص جلسة لجنة التطوير الاقتصادي والتشغيل في القدس الشرقية والتي عُقدت يوم 11-7-2016
[22] تقرير نتاليا نوبيتسكي – my net القدس بتاريخ 31-3-2017
[23] رد المتحدث باسم شركة سيتي باس على تقرير نتاليا نوبيتسكي
[24] من تلخيص جلسة لجنة التطوير الاقتصادي والتشغيل في القدس الشرقية والتي أقيمت يوم 11-7-2016
[25] بحسب رد الناطقة باسم دائرة التشغيل يناء على طلب نقابة العمال “معاً” وفقاً لقانون حرية المعرفة من يوم 22-2-2017
[26] “رفض شكوى لمخصصات المعيشة في القدس الشرقية: الحلقة المفرغة”http://heb.wac-maan.org.il/?p=3244
و “القدس الشرقية – كارثة اجتماعية واقتصادية http://heb.wac-maan.org.il/?p=2710
[27] صحيح لسنة 2014 – قائمة ز 11/1 من تقرير القدس السنوي 2016 معهد القدس لدراسة إسرائيل – مجمل النساء في جيل العمل بحذف عدد المشاركات في القوة العاملة.
[28] من مراسلات مع السيد أهرون خوتوفلي. مدير إقليم القدس من يوم 23-12-2015