أصدرت محكمة العمل في القدس يوم الأحد 1/11 قرارًا يلزم شركة “مايا للصناعات الغذائية م.ض.” في الخان الأحمر بعدم نقل عمالها الفلسطينيين للتشغيل عبر مقاول فرعي بإعتباره خطوة تهدف لضرب تنظيمهم في نقابة معًا.
وجاء في قرار نائب رئيس المحكمة، القاضي كامل أبو قاعود، بأن نية شركة “مايا” لنقل عمالها الى شركة مقاولات اخرى يشكل ضربة قاضية لحقهم بالتنظيم النقابي. ويعتبر هذا القرار الجديد، والثالث خلال سنة ضد شركة “مايا للصناعات الغذائية م.ض.” اذ انتقدت المحكمة تصرفها المخالف للقانون بما يتعلق في حق عمالها الفلسطينيين بالإنضمام الى نقابة معًا. في الحالتين السابقتين كان قرارا الحكم قد شملا فرض الغرامة المالية على الشركة بسبب تجاوزاتها الغير قانونية. اما القرار الجديد فقد جاء تلبية لطلب النقابة حين قدمت الدعوى بسبب عروض مالية كانت الشركة قد عرضتها على العمال بهدف إغرائهم لترك الشركة والإنتقال الى العمل بواسطة شركة مقاولات فرعية.
وكانت النقابة قد قدمت يوم 22/10 الماضي طلبًا جديدًا الى محكمة العمل وذلك على خلقية تقارير من عمال الشركة الذين قالوا ان الشركة تقترح لكل واحد منهم تعويضًا ماديًا بقيمة 10 الاف شيقل عن كل سنة عمل وتشمل حقوق العامل بأثر رجعي وتعويضات عن الفصل. مقابل المبلغ الموعود طالبت الشركة العمال الموافقة على الفصل من الشركة والاستمرار في العمل في المصنع لكن من خلال شركة مقاولات أخرى وكعمال جدد ودون اقدمية او حقوق مضمونة وبعيدا عن نقابة معا التي تمثل فقط عمال “مايا”.
في اطار الصفقة المقترحة على العمال من وراء ظهر النقابة ودون علمها، طالبت الشركة أيضا أن يتنازل العمال عن الدعاوي الشخصية التي قدموها الى المحكمة خلال السنة الأخيرة بواسطة المحامي نصرات دكور وبالتعاون مع نقابة معًا. (نحو 90 دعوى شخصية شملت حقوق العمال خلال سنوات ماضية تم تقديمها الى المحكمة). محاولة الشركة جر العمال للموافقة على الصفقة الهذيلة بواسطة إغراءات مالية وخلق البلبلة إعتبرتها المحكمة باطلة وغير قانونية ومن المحتمل ان تكون مخالفة ايضا لأوامر الضريبة (الإعفاء من ضريبة الدخل يحصل عليه عامل عندما يتم فصله عن العمل لكن العامل الذي يستمر في عمله في نفس الشركة لا يستحق الإعفاء).
يعمل في مصنع شركة “مايا” في المنطقة الصناعية ميشور ادوميم (الخان الأحمر) نحو 200 عامل إنتاج، من سكان السلطة الفلسطينية ويعمل هؤلاء في إنتاج منتجات غذائية. في شهر آب 2019 إنضمت مجموعة كبيرة من العمال الى نقابة معًا بسبب ما وصفوه بعمل دون حقوق يشمل تصرفات تعسفية من قبل الشركة وعدم توفير الحد الأدنى من الحقوق والعمل دون قسائم أجر. خلال الشهور التي تلت التنظيم النقابي كانت هناك معركة شرسة بين الإدارة وبين العمال ومارست الشركة شتى انواع الضغوط والتهديد على العمال لكي يتركوا النقابة.
الّا انه في شهر تشرين ثان 2019 قررت محكمة العمل في القدس أن نقابة معا هي النقابة التمثيلية لعمال الشركة وعليه يجب على الشركة البدء بالمفاوضات مع النقابة حول إتفاق جماعي. رغم ذلك إستمرت الشركة في نهجها الهادف الى إبعاد النقابة عن العمال وسحق التنظيم النقابي الجديد.
وقد جاء الإقتراح المالي لتعويض العمال كوسيلة جديدة ضمن هذه المحاولات المستمرة حين إستغلت الشركة ضائقة العمال الإقتصادية وقدمت لهم إقتراحات مغرية (من العمال الذي وقعوا في الفخ كانا ثلاثة من أعضاء لجنة العمال الذين قررت النقابة تعيين أعضاء جدد مكانهم). في المقابل رفضت الأغلبية الساحقة من العمال إقتراح الشركة وأصروا على كون نقابة معًا والمحامي نصرات دكور يمثلونهم وهما الضامن لحقوقهم ولصيانة كرامتهم وعبروا عن عدم ثقتهم في الشركة وإقتراحاتها. 6 عمال قدموا إفادات الى المحكمة وشهدوا امام القاضي وردوا على استجواب من طرف محامي الشركة وتحدثوا عن الإقتراحات التي قدمها مدراء الشركة لهم والضغط الذي مورس عليهم للموافقة على الإقتراح ورفضهم له.
قرار المحكمة لم يترك مجالا للشك. واكد القاضي أبو قاعود بان موقف النقابة والعمال الذين قدموا شهاداتهم في المحكمة كان صادقًا وأمينًا. كما أكد القاضي إن الشركة لم تستطع تفنيد ما جاء به العمال والنقابة. وأقر القاضي ايضا بان النقابة أثبتت على ما يبدو في الوقت الحالي ما قدمته في الدعوى بأن خطة الشركة كانت شطب الدعاوي الشخصية للعمال من خلال فصلهم من العمل ونقلهم بالتالي الى العمل في شركة مقاولات أخرى لمدة 6 شهور. ووصف القاضي المخطط بانه قد يضرب ضربة قاضية التنظيم النقابي علمًا بان العمال الذين ينتقلون الى العمل في الشركة الجديدة يتوقف عملهم في شركة “مايا” وبالتالي لم يعد بمقدورهم ان يكونوا أعضاء في النقابة.
نقابة معا ترى في قرار محكمة العمل ضربة حاسمة لمحاولات الشركة الهادفة الى زعزعة مكانتها كنقابة لعمال الشركة وترى بانه هناك رسالة هامة من المحكمة في هذا القرار موجهة الى شركة “مايا” والى مشغلين اخرين مفادها ان على كل صاحب العمل ان يحترم حق العمال وحريتهم بالتمثيل اذا كان من خلال نقابة او من خلال محام يختارونه بإرادتهم الحرة.