وأخيرا وبعد شهرين من المماطلة أصدرت محكمة العدل العليا قرارها الرافض للإلتماس بخصوص تعويض العمال الفلسطينيين عن تعطيل العمل خلال فترة وباء كورونا. وتجدر الإشارة الى ان قرار محكمة العدل العليا القاضي برفض الإلتماس جاء تلبية لموقف الحكومة الذي تجاهل تمامًا الإدعاء الأساسي الذي قدمه الملتمسون وهو معاناة العمال الفلسطينيين الكبيرة في هذه الازمة.
المنظمات الملتمسة الى المحكمة – جمعية عنوان للعمال وجمعية حقوق المواطن بالتعاون مع نقابة معًا – طالبت بصرف تعويضات للعمال من صندوق الأيام المرضية والذي يحتوي على مبلغ 515 مليون شيكل. واعتبرت ان الازمة الحالية هي افضل فرصة لصرف هذه الأموال التي تراكمت في هذا الصندوق التابع لقسم المدفوعات (ما يسمى بمكتب العمال وهي في الحقيقة مؤسسة “قسم المدفوعات” التابعة لسلطة الهجرة).
وجاء رد النيابة باسم المؤسسات الحكومية والذي عبر في الواقع عن قمة الاستهتار. فبدل جواب عيني وموضوعي على الطلب لصرف التعويضات لحسابات العمال، كرد عل معاناة عشرات الالاف منهم والذين بقوا دون مصدر رزق، كتبت النيابة بانه هناك خلاف على هذا المبلغ وانه ليس الوقت الملائم للبت بالسؤال حول كيف يجب التصرف به.
يذكر ان التركيز في الإلتماس كان على وضع العمال المأساوي في ظل الاغلاق وبالتالي المطالبة من المحكمة النظر بالموضوع بطريقة نزيهة وان ترى في المبلغ المحفوظ بالصندوق منذ سنوات حلًا للازمة ويمكن إستخدامه في هذا الظرف لتخفيف المعاناة التي المت بالعمال الفلسطينيين. الإلتماس أكد أيضًا على حقيقة بان هناك مبلغ كبير من المال والذي ليس هناك خلاف بان ملكيته تعود للعمال الفلسطينيين الذين عملوا خلال عشرات السنين في إسرائيل، وبما أنه الظرف الحالي هو ظرف إستثنائي خلقيته وباء خطير فذلك يعتبر الظرف الأنسب لصرف هذا المبلغ.
لكن يبدو ان لا حياة لمن تنادي. المحكمة سمحت للنيابة بان ترسل ردها بتأخير شهرين (الالتماس قدم في 30/3 والنيابة قدمت الرد فقط في 25/5). رد النيابة كان هزيلا وإحتوى على صفحتين ونصف فقط ولم تتبين منه اية نية لتقديم أجوبة على السؤال – ما العمل مع 100 الف عامل إلتزموا بيوتهم منذ شهرين دون اي مصدر رزق؟
الحجة التي قدمتها محكمة العدل العليا في قرارها من يوم 1/6 نصت على ضرورة ان يبقى من حق الجهات المعنية في الحكومة ان تبت في القضية وتقرر كيف يجب صرف 515 مليون شيكل. غير ان هذه الحجة بحد ذاتها تعبيرًا واضحًا لموقف سلبي ومستهتر بحقوق العمال الفلسطينيين.
في الواقع اذا كان هناك الحد الأدنى من المنطق والإنسانية والفهم لظروف العمال واذا كان هناك طرف بين قضاة المحكمة العليا قد اظهر بادرة ولو صغيرة لادراك الإجحاف بحق العمال من طرف السلطات المسؤولة لتم تعيين جلسة طارئة بحضور كل الأطراف خلال أيام قليلة. في جلسة من هذا النوع كان بإمكان قضاة المحكمة فرض النقاش مع المسؤولين الحكوميين حول مصير المبلغ الذي يقبع في خزينة المالية دون استعمال منذ عشرات السنين. غير انه وللأسف المحكمة قررت غير ذلك واظهرت من طرفها تجاهلا كاملا للحقيقة وللحاجة الإنسانية لهؤلاء العمال.
نقابة معاً تعاونت في هذا الملف مع جمعية عنوان للعامل على امل الحصول على مكسب هام للعمال الفلسطينيين ونشير بأن رفض السلطات الإسرائيلية لن يحيدنا عن طريقنا وعن معركتنا لفرض شروط عمل قانونية وإنسانية للعمال.