عندما أقول “عمل اسود”، ماذا أقصد؟ أقصد العمل الصامت، ذلك الشيء الذي يحدث في مكان ما في الهوامش، حيث يعمل بصمت، رجال ونساء، كثيرون كثيرون، ينظفون، يغيرون الحفاظات، يزرعون، يقطفون، يطبخون، ينسجون، يحفرون، يبنون قاعدة الهرم الاجتماعي. هناك في الهوامش، حيث نجر الايام والشهور، وسنوات العمر كله. بلا اجر ملائم، بلا حقوق وبلا اعتبار لكرامتنا، وبلا تفسير. هذا ما كان وهذا ما سيكون، هذا ما يقولونه لنا.
عملنا الاسود، الذي يعتبر رخيصا جدا، هو في الواقع أغلى من الذهب. انه مصدر ارباحهم، وسر النمو الاقتصادي في الدولة. بالوعي وتضافر القوى يمكننا تحويل عملنا الى مصدر قوتنا نحن. انها رسالة هذا المؤتمر الهام، حيث تلتقي عاملات قد يفرق بينهن الاصل والقومية، عربيات، يهوديات، آسيويات، ولكن يجمعهن شيء اكبر: نفس الحياة، نفس الصعوبات نفس التحديات ونفس الآمال.
“ائتلاف نساء من أجل العمل العادل” هو مؤسسة جديدة توفر منبرا وصوتا للعاملات، يمكّنهن من طرح قضاياهن على رأس سلم الاولويات في البلاد، ووضع المطالب بالأجر الكريم والعادل الذي يمكّننا من العيش ولكن ايضا من الاستمتاع بالحياة. هنا والآن. انه إطار جريء لنشاط ضروري، يواجه الفوارق القومية والطائفية، ويتحدى العنصرية التي ترفع رأسها البشع ضد العرب، ضد العمال الاجانب، ضد الشرقيين وضد جمهور العمال بشكل عام، حتى من البيض والمتعلمين.
الائتلاف النسائي يتحدى سلم اولويات الحكومة التي تضع الارباح في رأس القائمة، على حساب رفاهية الانسان. يتحدى سياسة تقديس السوق الحرة، والخصخصة والارباح، سياسة تقديس الحد الادنى للاجور الذي يكرس الجوع والفقر، سياسة كسر العمل المنظم والدوس على الطبقة العاملة وتحويلها الى طبقة من العبيد، سياسة تقصي عشرات آلاف الرجال والنساء عن سوق العمل خدمة لأرباح الشركات التي تنقل مصانعها للخارج او تستورد العمال الاجانب وتشغلهم كالعبيد بلا حقوق. سياسة تهدم حياة الكثيرين، وتحول النساء الى ضحاياها الرئيسيين.
اليوم، بعد ان أثبتت هذه السياسة فشلها في العالم، وقادت للفقر والفجوات الاجتماعية، وسلبت الملايين في العالم اماكن عملهم وحتى بيوتهم، وتهدد بإفلاس دول بأكملها، حان الوقت ان ننظم انفسنا، ونلملم بقايا قوتنا وطاقاتنا ونرفع رأسنا ونطالب بحقنا في الكرامة، حقنا في العمل المنظم والكريم لنكون جزءا من العصر الحديث، الحق بالتعبير عن أنفسنا بأنفسنا وإسماع صوتنا وطرح قضايانا، الحق بالقيادة، الاعتراف بمساهمتنا الكبيرة للمجتمع، الحق بوقف الاستغلال وسلب الحقوق، الحق ببناء مجتمع واقتصاد عادلين ومتساويين.
إننا نرى في هذا المؤتمر تأسيسا لحركة نساء من أجل تحقيق هذه الرؤية وعدالة القضية.