الجريمة الأخيرة التي أضيفت الى سجل جرائم السلطة الفلسطينية والتي أدت الى قتل الناشط السياسي نزار بنات من قبل جهاز الأمن الفلسطيني تأتي لتؤكد على طبيعة السلطة الفلسطينية القمعية وعدم إحترامها لأبسط حقوق الإنسان مثل حرية التعبير، حرية التظاهر السلمي والتنظيم السياسي.
وفي الوقت الذي ترتفع الأصوات الحرة المطالبة بمعاقبة المسؤولين عن عملية القتل والقمع الوحشي بحق المتظاهرين، هناك جانب مظلم اخر من ممارسات هذه السلطة يتم تجاهله عادة وهو الترتيبات الخاصة بالعمال ولاسيما نظام التصاريح الظالم ومكاتب الارتباط التي يعاني منها العمال وكل من يحتاج للدخول الى إسرائيل عبر الحواجز.
تبرز معاناة العمال على الحواجز اذ يتعرض الذين يعملون في اسرائيل وفي المستوطنات للإهانات والإذلال ويعيشون إرهاب سيف “المنع” – مرة بحجة الامن ومرة اخرى بحجة الشرطة. دخول العمال الى سوق العمل الإسرائيلي ليس حدثًا عابرًا بل هو واقع ثابت، اذ يدخل حوالي 150 الف عامل يوميًا الى عملهم في الورشات الإسرائيلية ويلعبون دورًا هامًا في قطاعات حيوية من الإقتصاد.
يتحمل كل عامل وعاملة صعوبات جمة من أجل ضمان مصدر رزق لعائلاته، لكنه يساهم بنفس الوقت مساهمة كبرى في الإقتصاد الفلسطيني ايضا، إذ يقدر المبلغ الذي يدخل الى السوق الفلسطيني بفضل أجور العمال الذين يعملون في اسرائيل ب-3 مليار دولار سنويًا (من اصل 16 مليار دولار الناتج القومي الفلسطيني السنوي). هذه المدخولات ليست هبة او من التسول بل هي دخل صاف ياتي نتيجة قدرات العمال المهنية واستعدادهم القيام بالعمل الشاق في البناء والزراعة والصناعة والفندقة وإصرارهم على تحمل كافة العراقيل والإهانات في الطريق وفي الحواجز لكسب لقمة عيش أطفالهم وبالتالي لصرف الأجور في السوق الفلسطيني المحلي ومساهمة في حركة السوق المحلية النشطة بصرف معاشاتهم في الاف الدكاكين التي يشتري بها العمال واهلهم حاجياتهم او على الخدمات الضرورية الاخرى.
ويطرح السؤال إذن على السلطة وتنسيقها الامني المشؤوم: ما التبرير لإستمرار العمل بترتيبات نظام التصاريح والحواجز وسيطرة جهاز الشرطة والامن الاسرائيلي وقراراته التعسفية بحق هؤلاء العمال؟ لماذا لم تطلب السلطة بإلغائه الفوري وضمان حق العمال والمواطنين بالتنقل الحر؟ لماذا القبول بالتبرير الأمني الكاذب طالما هنك عشرات الاف العمال الذي يسمح لهم بطريقة غير مباشرة بالدخول الى إسرائيل عبر الثغرات في الجدار؟
ان نقابة معا إذ تتضامن مع الناشطين الفلسطينيين الذين يناضلون ضد سلطة أوسلو وضد الاحتلال الإسرائيلي تطالب بإلغاء نظام التصاريح وإحترام حق التنقل الحر للعمال الفلسطينيين الذين يعملون في المستوطنات وداخل إسرائيل. نحن نرى المعركة ضد الإحتلال والإستيطان وضد قمع السلطة الفلسطينية كمعركة واحدة التي يجب ان ترفع للعلن نقطة مركزية وهي المطالبة بشطب وإلغاء ترتيبات السيطرة والقمع المترتبة عن اتفاق اوسلو وخاصة نظام التصاريح. لا حرية للشعب اذا لم تكن حرية للعمال.