كلمة وفاء طيارة باسم عاملات الزراعة المنظّمات في نقابة “معًا” بمناسبة يوم المرأة
نحيي اليوم “يوم المرأة العالمي” في ظلّ موجة من الثورات في المنطقة، التي أشعلتها نيران البطالة والفقر والاستغلال والعيش في ظلّ فقدان الضمان الاجتماعي والعدالة الاجتماعية والفجوات المخيفة بين الفقراء والأغنياء وفقدان الأمل في المستقبل.
إلاّ أنّ الحكومة الإسرائيلية لا تبالي بما يجري حولنا، وتعلن بأنّ الاقتصاد الإسرائيلي يزدهر، وتستهتر بالطبقات الفقيرة التي تغوص في الفقر، وبالعاطلين عن العمل الغارقين في البطالة وبالنساء العربيات المبعدات عن العمل، اللواتي يعشن من أعمال مؤقّتة وأجور متدنّية. أصبحت البطالة والفقر معطيات ثابتة منذ سنوات طويلة في البلدات العربية. 83% من النساء العربيات لا يشاركن في سوق العمل بسب عدم توفّر أماكن عمل في البلدات العربية، وعدم توفّر وسائل مواصلات إلى مراكز العمل.
أيّ ازدهار هذا، والحكومة ترمي بنا إلى أيدي المقاولين وشركات القوى البشرية ليستغلّونا ويزيدوا من فقرنا، وتتهرّب من تحمّل المسؤولية وتتّهم الفقراء بفقرهم؟! ثمّة غليان في الشارع وفي قلوب النساء اللواتي يبحثن عن عمل دون أمل، وسرعان ما سينفجر ويثور. النموّ الاقتصادي الذي تتحدّث الحكومة عنه لم تلمسه النساء العربيات أو عاملات الزراعة، بل على العكس قائمة النساء اللواتي يبحثن عن عمل في نقابة “معًا” طالت وكبرت، بالمقابل تقلّصت قائمة العاملات في مجال الزراعة من 350 إلى 100 عاملة، على الرغم من عمل نشيطي نقابة “معًا” الدؤوب لتشغيل النساء من خلال مشروع فتح أماكن العمل للنساء في مجال الزراعة.
جئنا اليوم، عاملات الزراعة المنظّمات في نقابة “معًا” لننتفض في قلب تل أبيب- مركز الاقتصاد المزدهر. جئنا اليوم لنعيد ليوم المرأة معناه الأصلي؛ يوم النضال من أجل الحقّ في العمل المنصف والعادل، لنطالب الحكومة بإعطائنا حقّنا الطبيعي الشرعي بالعمل الكريم في مجال الزراعة الذي جلبت إليه العمّال الأجانب الأرخص بدلاً من حلّ مشكلة بطالة النساء العربيات. قضت على العمل المنظّم وشجّعت العمل غير المنصف في القطاعين العامّ والخاصّ وصادرت فرص تشغيل آلاف النساء العربيات غير المؤهّلات في مجال الزراعة؛ في هذا العمل الجسماني الشاقّ، لتدعم المزارعين على حساب النساء العربيات. على الحكومة أن تخجل من إلقائها بالنساء إلى عصر الظلمات، ومصادرة حقوقهنّ بعد مضيّ 100 سنة من الإنجازات التي حقّقتها الحركات النسائية والعمّالية.
جئنا لنطالب الحكومة بتغيير نهجها الاقتصادي الحالي الذي خلق البطالة والفقر والفجوات الآخذة في الاتّساع بين الرجال والنساء، وبين اليهود والعرب، وبين المركز والضواحي. جئنا لنقف متّحدات بقوّتنا ورغبتنا في التغيير؛ عربيات ويهوديات. جئنا لنقول للحكومة بوضوح لن نسمح بهذه المعاملة المسيئة، يتوجّب على الحكومة أن تغيّر سلم أولوياتها وأن تضع المواطنين والنساء خاصّةً على رأس هذا السلّم وليس أصحاب رؤوس الأموال الذين يستغلّوننا وينتهكون حقوقنا، ومن ثمّ يلقون بنا إلى البطالة والفقر. لا نريد المزيد من شركات المقاولين والعمّال الأجانب، وشركات القوى البشرية، لن نكتفِ بالفتات وبالعمل المؤقّت، ولن نستسلم للاستغلال وطمس الحقوق. نريد عملاً عادلاً يوفّر لنا مصدر رزق كريمًا، نريد أن نحيا في ظلّ الضمان والعدالة الاجتماعية، التي تفتقدها النساء العربيات خاصّةً، اللواتي ينتظرن فرصة عمل في مجال الزراعة للخروج من دائرة الفقر ومن أجل إعالة أسرهنّ.
اجتمعنا اليوم وسرنا سويًّا؛ عربيات ويهوديات، ومن خلال النضال النقابي سنواصل العمل والكفاح حتّى نقضي على السياسة الموجّهة التي حكمت على أغلبية الناس بحياة من الفقر والبطالة والاحتلال.