العمل الرخيص يكلّفنا غالياً

بقلم وفا طيارة وميخال شفارتس

نشر في صحيفة دي ماركر في 20/7/2016

أصبح تسويق الفواكه والخضار بشكل مباشر من المُزارع إلى المستهلكين في ساحات المدن، هو الصرخة الأخيرة. المزارعون يحتجّون على الفجوة الهائلة للوساطة والتي تجعل الزراعة غير مجدية إقتصادياً وترفع أسعار المنتجات إلى مستويات عالية جداً، وأيضاً يكسبون بذلك ودّ المستهلك الذي يشتري المنتجات الزراعية من خلال هذه الخطوة بأسعار رخيصة وأيضاً يقومون بخطوة ذات طابع قومي اذ انهم يظهرون كمن ينقذ المزارع العبري الذي يطوّر أرض أجداده، وأيضاً يحتجّون ضد المحتكرين الفاسدين.

المشكلة هي أن الجمهور الإسرائيلي الذي يدعم المزارعين المحتجّين ضد الحرمان، لا ينتبه لكون المزارعين هم أيضاً من يظلم غيرهم، لأنه لا يهتم بالسؤال عمّن يعمل حقاً في الحقول والبيوت البلاستيكية. قطاع الزراعة محكوم اليوم بحوالي 25 ألف عامل تايلاندي بالإضافة الى 4000 عامل من سيريلانكا (مصنفين كطلاب)، وهم مستعدون للعمل أكثر بكثير من 8 ساعات يومياً لقاء أجر الحد الأدنى. هؤلاء العمال الاجانب يحتلون نسبة 60% من أماكن العمل في الزراعة.

وإن لم يكن هذا كافياً، أُعلن مؤخراً أن برنامجاً لتمكين الطلاب من دول العالم الثالث في استخدام تقنيات زراعية إسرائيلية حديثة، أصبحت في الواقع قناة لاستقدام عمال أجانب بسعر رخيص ودون قرار حكومي للعمل في الزراعة. عدد الطلاب الذين يأتون في هذا الإطار يصل لحدود ال 4000، أي ما نسبته 16% من مجمل عمال الزراعة الأجانب في إسرائيل، وهو يزداد سنوياً. يتضح أنه منذ عام 2013 حين وقّعت إسرائيل مع حكومة تايلاند على اتفاق يحدد قيمة المبلغ الذي يدفعه العامل لشركات القوى العاملة، هذه الشركات وجدت طريقاً آخر لاستقدام قوى عاملة رخيصة وذلك تحت ستار التدريب وعدد هؤلاء الطلاب تزايد ثلاثة أضعاف.

التشغيل المسيء للعمال الأجانب يخلق البطالة بين الإسرائيليين الذين هم على استعداد للعمل في الزراعة من أجل التخلص من دائرة الفقر، وبشكل خاص النساء العربيات. فهن لا يستطعن منافسة العمال الأجانب المتفرغين 24 ساعة يومياً، وبذلك يبقين في البيت دون عمل. من بين ال 422 ألف إمرأة عربية بين جيل ال 19 و 65، هنالك فقط 33% منهن يعملن (مقابل 83% من النساء اليهوديات) والسبب الرئيسي لذلك هو عدم وجود فرص العمل، وهي مشكلة مزمنة في الوسط العربي.

كلما انخفض مستوى التحصيل العلمي للنساء العربيات كلما قلّت مشاركتهن في العمل. غالبية النساء العربيات (76%) لديهن 12 سنة تحصيل علمي أو أقل، وفقط 28% منهن يعملن. هذه هي الشريحة التي تبحث بشكل مكثف عن فرصة عمل في مجال الزراعة. كان يمكن استيعاب عشرات الالاف من هؤلاء النساء في قطاع الزراعة وبذلك كان من الممكن إخراجهن وعائلتهن من دائرة الفقر. ان الإثباتاً لذلك هو مشروع “النساء والزراعة” الذي تقوم به نقابة معاً منذ 11 عاماً، وهذا لا يكلف الحكومة ولا حتى شيكل واحد. ولكن على عكس التوصيات الاقتصادية لوزارة المالية وبنك إسرائيل، فحكومات إسرائيل تشجع على تحويل القطاع الزراعة إلى متعلّق بالعمال الأجانب. بدلا من دعم القطاع الزراعي، كما هي العادة في الغرب، وتوفير لقمة العيش للعمال الإسرائيليين.

كما المزارعين، فإن النساء العربيات يحتجن إلى الحصول على لقمة عيش كريمة. فرع الزراعة في اسرائيل يعتبر قطاع اقتصادي متطور وله الامكانية بتوفير مصدر رزق محترم للجميع – اصحاب المزارع والعمال والعاملات في آن. في المقابل إدمان المزارعين والحكومات على العمل الرخيص يؤذي أيضاً قطاع الزراعة، الذي لا يسير باتجاه التحديث وأن يكون ناجعاً أكثر. منظمة الدول المتطورة (OECD) أشارت منذ زمن إلى المستوى المنخفض لتشغيل النساء العربيات في إسرائيل على أنه عامل معيق لنمو الاقتصاد الإسرائيلي. الحكومة بذاتها اتخذت قراراً بتخفيض عدد العاملين الأجانب تدريجياً، وأن تزيد من مستوى تشغيل النساء العربيات ليصل إلى 41% بحلول عام 2020. ولكن سياستها تشجع على البطالة عملياً.

ليس المطلوب أن تكون خبيراً اقتصادياً لتدرك أن زيادة 30 ألف إمرأة عاملة وتتقاضى الحد الأدنى للأجور وفوق من شأنها ان ترفع من الناتج المحلي الإجمالي، وتخفّض من نسبة المحتاجين إلى المخصصات المعيشية. خطوة من هذا النوع ستقلل من الفجوات وتدفع بكامل السوق الإسرائيلي قدماً. ولكن في الحكومة كما في الحكومة، الكلام والقرارات في وادٍ والعمل في وادٍ آخر.

وفا طيارة وميخال شفارتس: المسؤلتان عن مشروع “النساء والعمل” في نقابة العمال معاً.

ترجمة المقال – ياسر خنجر

 

المزيد

عمال فلسطينيون

تصريح وزير الداخلية موشيه اربيل، الذي دعا الحكومة الى السماح للعمال الفلسطينيين بالعودة إلى عملهم داخل إسرائيل، هو يمثابة تطور هام.

تصريح وزير الداخلية موشيه اربيل، الذي دعا الحكومة الى السماح للعمال الفلسطينيين بالعودة إلى عملهم داخل إسرائيل، هو يمثابة تطور هام. هذا ما قاله مدير نقابة معًا، اساف اديب، في مقابلته في راديو الناس الاثنين 2.12.

اقرأ المزيد »
عمال فلسطينيون

خطورة التعديل الحكومي المقترح بخصوص نسبة الضريبة التي يدفعها العمال الفلسطينيين في اسرائيل.

حذّر اساف اديب، مدير نقابة معًا، في مقابلة مع شيرين يونس في راديو الناس (الإثنين 4.11)، من خطورة التعديل الحكومي المقترح بخصوص نسبة الضريبة التي يدفعها العمال الفلسطينيين في اسرائيل. وقال مدير معًا ان العامل الذي يدفع اليوم بين 50-100 شيكل شهريا على اجره سيجبر في حالة اقرار التعديل على دفع 600-700 شيكل للضريبة. ويعني ذلك انه ورغم عن بقاء الاجر الاجمالي دون تغيير فسينخفض الاجر الصافي للعامل ب- 500 شيكل شهريًا.

اقرأ المزيد »
عمال فلسطينيون

العمال الفلسطينيون يموتون على الجدار ولا حياة لمن تنادي

العامل احمد الكومي (53 عاما) توفي يوم الثلاثاء 29.10 نتيجة سقوطه من الجدار في منطقة الرام. في نفس اليوم اصيب العامل م. ع. (الاسم محفوظ لدينا) نتيجة اطلاق النار عليه في منطقة بيت لحم. في كلا الحالتين حاول العاملين الدخول للعمل في اسرائيل وكان نصيبهم الموت او الاصابة الخطيرة.

اقرأ المزيد »
مشروع القدس الشرقية

قصة إمراه قوية حافظت على مكان العمل رغم مضايقات مديرها :

من طاقم نقابة معا في القدس :
هل شعرت يومًا أن مديرك في العمل يعاملك وكأنك “قمامة” يجب إبعادها عن الطريق؟ العاملة انتصار (الاسم مستعار) واجهت هذا الوضع وتمكنت من التغلب على الصعوبات وفرضت وجودها في العمل بمساعدة من نقابة معًا.

اقرأ المزيد »

אנא כתבו את שמכם המלא, טלפון ותיאור קצר של נושא הפנייה, ונציג\ה של מען יחזרו אליכם בהקדם האפשרי.

رجاءً اكتبوا اسمكم الكامل، الهاتف، ووصف قصير حول موضوع توجهكم، ومندوب عن نقابة معًا سيعاود الاتصال بكم لاحقًا








كمنظمة ملتزمة بحقوق العمال دون تمييز ديني أو عرقي أو جنسي أو مهني - الديمقراطية هي جوهرنا. نعارض بشدة القوانين الاستبدادية التي تحاول حكومة نتنياهو ولابيد وبينيت وسموتريتش المتطرفة فرضها.

بدون ديمقراطية، لا توجد حقوق للعمال، تمامًا كما أن منظمة العمال لا يمكن أن تكون موجودة تحت الديكتاتورية.

فقط انتصار المعسكر الديمقراطي سيمكن من إجراء نقاش حول القضية الفلسطينية ويمكن أن يؤدي إلى حلاً بديلًا للاحتلال والفصل العنصري، مع ضمان حقوق الإنسان والمواطنة للجميع، الإسرائيليين والفلسطينيين على حد سواء. طالما أن نظام الفصل العنصري ما زال قائمًا، فإن المعسكر الديمقراطي لن ينجح في هزيمة المتطرفين الإسرائيليين. لذلك نعمل على جذب المجتمع العربي والفلسطيني إلى الاحتجاج.

ندعوكم:

انضموا إلينا في المسيرات الاحتجاجية وشاركوا في بناء نقابة مهنية بديلة وديمقراطية يهودية-عربية في إسرائيل. انضموا إلى مجموعتنا الهادئة على واتساب اليوم، "نمشي معًا في الاحتجاج".

ندعوكم للانضمام إلى مؤسسة معاً وتوحيد العمال في مكان العمل الخاص بك. اقرأ هنا كيفية الانضمام إلى المنظمة.

ندعوكم لمتابعة أعمال مؤسسة معاً على شبكات التواصل الاجتماعي.